Article المقال ( Octobre )


 







التنمر المدرسي والتنمر الإلكتروني

bullying

  


إعداد

الدكتور/ محمد مصطفي محروس


 

 

أولاً – التنمر المدرسي:

حظى موضوع التنمر المدرسي على اهتمام الباحثين في مجال علم الاجتماع وعلم النفس، وخاصة المهتمين بدراسة العلاقات بين الأقران كل حسب اهتمامه ومنطقه في التفكير ، ولهذا اختلفت الرؤى وتعددت بشأن هذا السلوك.

يرى فريق من الباحثين أن التنمر المدرسي ما هو إلا وصف لجميع المشكلات التي تحدث بين تلاميذ المدارس، والتي تمارس من قبل أحدهم ضد آخر قليل الحيلة ولا يقوى على المواجهة أو المجابهة أو المدافعة عن نفسه، وهذا السلوك الذي يوجه من المتنمر ضد آخر قد يأخذ أشكالاً متعددة، منها جسدية أو انفعالية أو لفظية أو مباشرة أو غير مباشرة.

ويعود تنامى الاهتمام بظاهرة التنمر في المدارس وتطور الدراسات حولها إلى عدد من الاسباب منها: الآثار المدمرة لهذه الظاهرة وخاصة على بعض الطلبة مما أدى إلى الانتحار أو إلى التفكير فيه، وإلى وعى الأهالي بالظاهرة وضغطهم على المدارس للحد منها، وعلى وسائل الإعلام للتوعية بها.

وبدأ الاهتمام بدراسة سلوك التنمر في السبعينيات من القرن الماضي، ثم تزايدت الدراسات الأجنبية حول هذا الموضوع، حيث طرح في الاتحاد الأوروبي المشروع التعاوني للتخلص من التنمر.

ويعد التنمر المدرسي شكال من أشكال التفاعل الاجتماعي الخاطئ غير المتوازن، سواء نفسيًا داخل من يقوم بفعل التنمر المدرسي نفسه، (أو) من يقع عليه فعل التنمر بمختلف أشكاله.

والتنمر هو ممارسة مجموعة من الهجمات والمضايقات وبعض السلوكيات المباشرة كالتوبيخ والسخرية والتهديد بالضرب من قبل شخص ما يعرف بالمتنمر تجاه شخص آخر يعرف بالضحية بهدف السيطرة والهيمنة عليه.

أشكال التنمر المدرسيschool bullying

1 - تنمر مباشر: ويشمل الهجوم الجسدي على الآخرين وابتزازهم واغتصاب ممتلكاتهم.

2 – تنمر غير مباشر: خصام الضحية واستبعادها بشكل مكرر من الانضمام للمجموعات ورفضها بشكل دائم ومستمر.

3 – تنمر جنسي: وتتضمن عرض صور خليعة علي الطلاب وسرد بعض النكات التي تخدش الحياء أمامهم أو ملامسة أجسادهم وطلب سلوكيات جنسية منهم، واطلاق أسماء وألقاب جنسية بذيئة وتعليقات ذات محمل جنسي.

4 - تنمر عنصري : ويمتد هذا النوع ليشمل الفئة العمرية التي تنتمى إليها الضحية حيث يقوم المتنمر بمناداة الضحية بأمه أو أبيه أو يتعرض لفصيلته وجنسه ولونه وديانته.

5 - التنمر الإلكتروني: ويتضمن سوء تصرفات المتنمر نتيجة لسوء استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة كالتليفون المحمول والإنترنت وتوجيه رسائل فاضحة لتهديد أقرانه عبر البريد الإلكتروني، وتصويرهم رغم رغمًا عنهم وابتزازهم.

6 - التنمر الاجتماعي: ويتضمن الممارسات الاجتماعية الخاطئة كالإقصاء الاجتماعي والخصام ونشر الشائعات التي تمس السمعة والحقد على الآخرين والتعامل السلبى معهم.

العوامل المسببة لسلوك التنمر:

أ - عوامل أسرية:

فالبيئة الاسرية ذات أهمية كبيرة وتشكل أهم الأسباب المؤدية للتنمر المدرسي حيث نتيجة لعوامل اجتماعية خاطئة كالعنف والعدوان مما يربى ظروف أسرية محيطة، مما يجعل الأطفال يكونوا مسيئين فيما بعد ، فالتعرض مبكرًا للعدوان والإساءة يعد خبرة متعلمة تساعد على تقبل مشروعية استخدام السلوكيات المسيئة للآخرين ، وهناك متغيرات أخرى تساهم في ذلك كاستخدام الآباء العقاب الجسمي والتهديد والقسوة في التنشئة والإهمال تتسبب في نمو اتجاهات سلبية ، كما أن عدم التنافر بين الوالدين والخصام والمشاجرات وتنشئة الأبناء الذكور على أنهم أفضل ولابد أن يكونوا أفضل من الناحية الجسمانية والسيطرة يزيد من نمو سلوك التنمر.

ب - العوامل المدرسية وجماعة الرفاق:  

يعد المناخ المدرسي لما له من أثر بالغ في سلوكيات الطلاب حيث أنه يشتمل على علاقات تفاعلية بين التلاميذ من جهة  وأطراف العملية التعليمية من جهة أخري، وهذه العلاقات لما لها من أثر بالغ على تحصيل التلاميذ الدراسي وتحديد نجاحهم أو فشلهم؛ فلقد تم التوصل إلى وجود علاقة ارتباطية بين المناخ المدرسي الإيجابي والتحصيل الطلابي، والدافعية للتعلم ،كما تم العثور على ارتباط كبير بين المناخ المدرسي السلبى وتدنى احترام الذات وأعراض الاكتئاب وظهور المشكلات السلوكية كالتنمر والعدوان.

ج - عوامل شخصية:  

ولسلوك التنمر دوافع مختلفة، فقد يكون تصرفًا طائشًا، أو سلوكًا يصدر عن الفرد بسبب شعوره بالملل،  وقد يكون السبب في عدم معرفة ممارسي سلوك التنمر، وجود خطأ في ممارسة هذا السلوك ضد بعض الأفراد، أو لأنهم يعتقدون أن الطفل المتنمر عليه يستحق ذلك السلوك، كما قد يكون سلوك التنمر لدى أطفال آخرين مؤشرًا على قلقهم، أو عدم سعادتهم في بيوتهم، أو وقوعهم ضحايا تنمر في السابق، كما أن الخصائص النفسية للضحية مثل الخجل، وقلة الأصدقاء قد تجعله عرضة للتنمر.

والطلاب المتنمرون ما هم الا نتيجة لما يحدث في المجتمع الكبير حولهم سواء من مشكلات أسرية تؤثر على مدى توافقهم النفسي والداخلي مما يؤدى بشكل واضح إلى تلك السلوكيات العدوانية، ومع تكرار تلك المشكلات يصبح السلوك العدواني صفه مستمرة لذلك؛ فيتحول ذلك السلوك إلى تنمر مدرسي بصورة كبيرة حيث أنه يكون متكرر وعن قصد متعمد من الشخص المتنمر للضحية.


ثانيًا - التنمر الإلكتروني: Cyber bullying

التنمر الإلكتروني عبارة عن مضايقات تحدث من أشخاص معروفين أو مجهولين لأشخاص أخرى، الأمر الذي يسبب لهم الشعور بالاكتئاب والحزن، ولكن تسعى جميع الدول في تكثيف جهودها نحو مواجهة ظاهرة التنمر.

أفرزت وسائل الاتصال التكنولوجية أنواعًا جديدة من أعمال الترهيب أخذت في الانتشار تحت مسمى التنمر الإلكتروني، حيث يقوم المتنمر بالتهديد أو التخويف أو نشر الشائعات من خلال الهواتف المحمولة أو شبكة الإنترنت.

ويعد التنمر الإلكتروني الذى يتعرض له المراهقين عبر مواقع التواصل الاجتماعي أكثر خطورة من كافة أشكال التنمر التقليدي، ربما يكون ذلك راجعًا إلى شعور المراهق بالقلق عندما تصله رسائل تهديد عبر الفيس بوك؛ فيبدأ بالشك في المحيطين به مما يؤدى به إلى حالة من الخوف من التعامل معهم، وقد يؤدى به الأمر إلى العدائية والنفور الاجتماعي.

أنواع التنمر الإلكتروني:

لا يعرف الكثير من الناس أن التنمر الإلكتروني له العديد من الأنواع، كما أن الطرق التي يتبعها المتنمرون قد تختلف من شخص لآخر، وتتمثل أنواع التنمر الإلكتروني في الآتي:

1 - انتحال الشخصية: من الأشياء التي يتبعها المتنمرين لتشويه صورة الشخص، ويتم ذلك عن طريق استغلال الحساب في نشر المنشورات السيئة أو في إرسال الرسائل المزعجة إلى الأصدقاء، الأمر الذي يدمر حياة الشخص.

2 - المضايقة: وهي من أكثر أنواع التنمر الشائعة، حيث إن أغلب المتنمرين يسعون دائمًا نحو مضايقة الأشخاص عن طريق وضع التعليقات السيئة، أو السب والقذف دون وجه حق.

3 - الخداع: وهو من الأمور التي انتشرت كثيرًا في الآونة الأخيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تعد من أنواع التنمر التي يتبعها البعض.

4 - الانتقاد: يتبع المتنمرون أسلوب النقد المستمر بغرض التنمر على الأشخاص، ويكون هذا الانتقاد دائمًا بصورة سلبية وسيئة.

 5 – التهميش: وهو من الأساليب المتبعة من قبل المتنمرين لتقليل قيمة البعض عن طريق عزلهم من المجموعات، أو الدردشات الجماعية، الأمر الذي يجعل الشخص يشعر بالميل إلى العزلة، والخوف من مواجهة المجتمع.

6 - تشويه السمعة: فمن الطبيعي أن التنمر وذكر مساوئ الشخص تؤدي إلى تشويه سمعته عن طريق الكذب ونشر المعلومات الخاطئة، وهذه الطريقة يتبعها عدد كبير من المتنمرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.

أسباب التنمر الإلكتروني:

هناك العديد من الأسباب التي قد تدفع الأشخاص إلى ممارسة التنمر، وتتمثل أسباب التنمر الإلكتروني في الآتي:

1 - كسب المزيد من الشهرة الإلكترونية وإثارة الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

2- الرغبة في إثبات الذات أمام الجمهور من أكثر الأسباب التي قد تدفع أحد للتنمر.

3 - بغرض التحكم وفرض السيطرة على الآخرين.

4 - قد يعتقد البعض أن إهانة الأشخاص والتنمر عليهم تزيد من شأنهم.

5 - من أهم الأسباب التي قد تدفع الأشخاص إلى التنمر الغيرة من الشخص الذي يحقق نجاحات عديدة.

6 - في حالة الأطفال المتنمرون قد يفعلون ذلك بغرض رغبتهم في كونهم أشخاص ناضجين يستطيعون إبداء الآراء.

7 - عدم التوعية بأضرار التنمر قد تدفع الشخص نحو التنمر على الآخرين بدون وجه حق.


الفرق بين التنمر الإلكتروني والتنمر العادي:

مشكلة التنمر من المشاكل التي تواجه الأغلب في جميع أنحاء العالم، وباختلاف الفئة العمرية، وهذا الأمر قد يسبب العديد من المشاكل النفسية والاجتماعية، والجدير بالذكر أن هناك خلط ما بين التنمر الإلكتروني والتنمر العادي، وهذا ما سوف نعرفه من خلال مقارنة كلًا منهما على حدا في الفقرات التالية:

أ - التنمر الإلكتروني:

يعد من أنواع التنمر التي تتم عبر شبكات الإنترنت في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، كما أن المتنمر في أغلب الأوقات قد يكون مجهول الهوية، ومن خصائصه ما يلي:

1 - يتم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يمكن للشخص الوصول إلى مرحلة الاعتداء الجسدي.

2 - يحدث بشكل كبير ولحظي وينتشر سريعًا بين المواقع المختلفة، الأمر الذي جعله في غاية الخطورة.

3 - من الصعب العلم بموعد انتهاء هذه الظاهرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، نظرًا لانتشار المتنمرين بشكل كبير.

4 - من الصعب أن يكون التنمر الإلكتروني نابعًا عن مشاكل شخصية، بل أغلب الحالات يكون بغرض مضايقة الأشخاص لا أكثر.

5 - يعد من أنواع التنمر غير المتكررة، حيث إن أغلب المتنمرون ينتقدون الشخص مرة واحدة ويبحثون عن أشخاص آخرون أكثر تأثيرًا في المجتمع.

6 - يحدث سريعًا دون التخطيط لها مسبقًا.

7 - نتائج التنمر الإلكتروني تعد من النتائج المبهمة، حيث إن المتنمر لا يفكر في الكلمات قبل أن يكتبها في تعليقاته، وتعتمد النتائج على مدى انتشار هذا التعليق.

ب - التنمر العادي:

من أنواع التنمر الأقل انتشارًا، كما أنه قد يكون من المتنمرين من هم مقربون من الشخص الواقع عليه التنمر، وقد يحدث في أي مكان مدرسة أو جامعة أو عمل أو حتى في الشارع، ومن أهم خصائص التنمر العادي ما يلي:

1 - تنمر متكرر، ما يعني أن المتنمر من الممكن أن يوجه الانتقاد إلى الشخص أكثر من مرة.

2 - قد يصل إلى الاعتداءات الجسدية التي تسبب للشخص العديد من الأضرار .

3 - من السهل التعرف على هوية المتنمر لأن المتنمر هنا يوجه الإهانة إلى الشخص في وجهه.

4 - يكون قائمًا على فكر مسبق، حيث إن المتنمر من الممكن أن يكون بينه وبين الشخص عداوة شخصية.

5 - من الممكن التنبؤ بموعد انتهاء التنمر، حيث ينتهي بانتهاء صلة الشخص بالمتنمر.


الحلول غير التقليدية لعلاج التنمر:  

أولاً - دور الأسرة للحد من التنمر الإلكتروني:

1 - أن يكون الآباء على وعي بسلوك التنمر الذي يقوم به أولادهم.

2 - بيان الآثار السلبية المترتبة على سلوكهم ليكون هدفاً محببًا.

3 - بناء علاقة أسرية متعاونة ومتحابة.

4 - تجنيب المراهق مشاهدة العنف داخل الأسرة.

5 - إبعاد المراهق عن مشاهدة العروض والمشاهد التلفزيونية العنيفة (علي قدر المستطاع).

6 - يتوجب على الأهل مناقشة الأبن المتنمر بهدوء.

7 - أهمية مراقبة استخدام الأبناء لوسائل الاتصالات الحديثة والإنترنت.

8 - الوقوف على الأسباب التي جعلت الأبن المتنمر يتصرف هكذا، وتوضيح أنه سلوك غير صحيح.

ثانيًا: دور المدرسة:

1 - وضع خطط وبرامج لتعزيز السلوكيات الإيجابية.

2 – وضع برامج ثقافية تعز ز من القيم الأخلاقية.

3 - إشراك الطلبة ضحايا التنمر في الأنشطة الاجتماعية.

4 - زيادة المراقبة والإشراف من قبل المعلمين تجاه الطلبة.

5 - وضع قواعد وإجراءات عقابية ضد المتنمرين.

6 - إجراء حوارات ومناقشات جادة مع المتنمرين والضحايا كل على حده.

7 - تفعيل الدور التربوي لمجالس الآباء والأمهات.

8 - عقد الندوات للطلبة وأولياء الأمور والمعلمين حول سلوك التنمر.

9 - توفير نشرات ومطبوعات مجانية مصممة خصيصًا لتعليم الطلاب كيفية البقاء آمنين في العالم الرقمي.

10 - تصميم برنامج تعليمي لتعليم الطلاب في المدارس المواطنة الرقمية والاستخدام الأخلاقي للتكنولوجيا.

11 - محاولة خلق بيئة أسرية هادئة بعيدة عن العنف والصوت المرتفع.

12 - استيعاب المدرسة ومعلمي المدرسة للمشكلات التي يمكن أن تولد سلوك العنف.

13 - مساعدة الطلاب على التنفيس عن طاقاتهم السلبية من خلال الأنشطة الرياضية داخل المدرسة.

ثالثًا: دور المؤسسات الدينية:

1 - تعزيز البناء الديني والقيمي عند الطلبة.

2 - تنمية الوازع الديني والروحي للطلبة المتنمرين.

3 - التركيز على الأضرار المترتبة على سلوك التنمر.

4 - عقد ندوات دينية عامة تبين موقف الإسلام من التنمر على الآخر.

رابعًا: دور وسائل الإعلام في الحد من سلوك التنمر:

1 - التقليل من برامج العنف من خلال أجهزة الرقابة والمتابعة.

2 - إبراز أجهزة الإعلام الجانب الإيجابي والإنساني.

3 - تقديم برامج توعوية من خلال التربويين والمختصين عن سلوك التنمر ومخاطرة ومضارة.

4 - المراقبة المستمرة للأفلام والمسرحيات والمسلسلات.

5 - تركيز وسائل الإعلام على قيمة وثقافة التسامح.

 


Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

Article المقال ( Septembre )

Article المقال ( Octobre )

Article المقال ( Septembre )