Article المقال ( Septembre )




المخدرات الخفيه المعضله الصعبه


إعداد 
دكتور / محمد مصطفى محروس


في السنوات الأخيرة، بدأت ظاهرة جديدة تنتشر بين الشباب تعرف بالمخدرات الإلكترونية، وهي تعتمد على ترددات صوتية تؤثر على العقل بطرق تشبه تأثير المخدرات التقليدية. يتم الترويج لهذه المخدرات عبر الإنترنت على أنها بديل آمن وخالٍ من المخاطر القانونية والجسدية، مما يجعلها جذابة لفئة الشباب التي تسعى لاكتشاف تجارب جديدة دون التفكير في العواقب. لكن هل هذه المخدرات الإلكترونية بالفعل أقل ضررًا من المخدرات التقليدية؟
المخدرات الإلكترونية تعتمد على تقنية تُسمى "النغمات الثنائية" التي تستخدم ترددات صوتية معينة تؤدي إلى تغيير في موجات الدماغ. من خلال الاستماع إلى هذه الترددات عبر سماعات الأذن، يدخل المستخدم في حالة ذهنية تُشبه تأثيرات المخدرات، مثل الشعور بالاسترخاء أو حتى الهلوسة. هذه التقنية، رغم أنها لا تتطلب أي مواد كيميائية، إلا أن تأثيرها النفسي يمكن أن يكون عميقًا ومخيفًا، خاصة مع الاستخدام المتكرر.
عند مقارنة المخدرات الإلكترونية بالمخدرات التقليدية، نجد فروقًا جوهرية. أولها، التأثير الجسدي. المخدرات التقليدية تؤثر بشكل مباشر على الجسم، حيث تسبب ضررًا للجهاز العصبي والدماغ وتؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة مثل تدمير الخلايا العصبية، مشاكل في الجهاز التنفسي، وتلف الأعضاء الحيوية. في المقابل، المخدرات الإلكترونية تؤثر بشكل أساسي على العقل والنفسية، ولا توجد حتى الآن أدلة علمية قاطعة على تأثيرها الجسدي المباشر، لكنها قد تتسبب في اضطرابات نفسية وعقلية خطيرة مثل نلف خلايا المخ والشلل الرعاش  مع مرور الوقت.
من ناحية الإدمان، تختلف المخدرات الإلكترونية عن التقليدية. المخدرات التقليدية تسبب إدمانًا جسديًا يستدعي تدخلًا طبيًا لعلاج أعراض الانسحاب، بينما المخدرات الإلكترونية تسبب إدمانًا نفسيًا حيث يشعر المستخدم بالحاجة المتكررة للعودة إلى تلك الحالة الذهنية التي تمنحها الترددات الصوتية. هذا الإدمان النفسي قد يؤدي إلى الانفصال عن الواقع وزيادة الشعور بالعزلة الاجتماعية، وهو ما يفاقم المشاكل النفسية ويصبح من المستحيل علاجها فضلا عن صعوبه اكتشافها .
أما من حيث الانتشار، فإن المخدرات الإلكترونية أسهل في الوصول إليها مقارنة بالتقليدية. يمكن لأي شخص تحميل الملفات الصوتية التي تحتوي على الترددات المزعومة من الإنترنت دون أي رقابة أو قيود، بينما تحتاج المخدرات التقليدية إلى شبكات توزيع غير قانونية، مما يجعلها أصعب في الوصول. هذا التوفر السهل للمخدرات الإلكترونية يجعلها أكثر جذبًا لفئة المراهقين والشباب الذين يملكون فضولًا لتجربة كل ما هو جديد.
رغم أن المخدرات الإلكترونية لا تتسبب في الأضرار الجسدية المباشرة التي تُحدثها المخدرات التقليدية، إلا أن تأثيرها النفسي والاجتماعي اخطر بمراحل . الشباب الذين يقعون في فخ هذه المخدرات قد يعانون من مشاكل نفسية تتراوح بين الاكتئاب، القلق، والاضطرابات العقلية. كذلك، قد يؤدي الإفراط في استخدامها إلى تراجع الأداء الدراسي أو الوظيفي والعزلة الاجتماعية، مما يزيد من خطر الانزلاق إلى مخاطر أكبر في المستقبل
فضلا عن ان إدمان المواقع والألعاب الإلكترونية أصبح مشكلة متزايدة في المجتمع يتعرض الأفراد لمخاطر جسدية ونفسية كبيرة نتيجة الاستعمال المفرط للتكنولوجيا. قضاء ساعات طويلة على هذه المنصات يؤدي إلى الانعزال الاجتماعي وفقدان الروابط الأسرية والصداقات، وهو ما يساهم في تعزيز الشعور بالوحدة والفراغ. بجانب العزلة، يعاني المدمنون من مشكلات في الصحة النفسية مثل القلق والاكتئاب، بالإضافة إلى اضطرابات في النوم نتيجة التعرض الطويل للشاشات تنتشر هذه الظاهرة بشكل كبير بسبب استراتيجيات التسويق القوية التي تعتمدها الشركات، حيث يتم استهداف الشباب والأطفال بالإعلانات الجذابة عبر منصات التواصل الاجتماعي. كما أن نظام المكافآت داخل الألعاب يجعل اللاعب يشعر بالإنجاز، ما يدفعه للاستمرار لفترات أطول. سهولة الوصول إلى الإنترنت عبر الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة زادت من انتشار هذا الإدمان، حيث يمكن للأفراد اللعب أو تصفح المواقع في أي وقت وأي مكان، مما يزيد من الاستهلاك غير المراقب.
من المؤكد أن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب التوعية حول الاستخدام المعتدل للتكنولوجيا، مع التركيز على توجيه الأفراد نحو أنشطة أخرى أكثر فائدة مثل القراءة، الرياضة، والتفاعل الاجتماعي الحقيقي  .
التصدي لظاهرة المخدرات الإلكترونية يتطلب وعيًا مجتمعيًا شاملًا. يجب على الأسر والمؤسسات التعليمية والإعلام لعب دور أساسي في توعية الشباب حول المخاطر الحقيقية لهذه المخدرات. كما ينبغي على الحكومات والجهات المعنية مراقبة المواقع الإلكترونية التي تروج لهذه الملفات الصوتية واتخاذ إجراءات صارمة لمنع انتشارها.
 يجب ألا نقلل من خطر المخدرات الإلكترونية. رغم أنها قد تبدو أقل خطورة من المخدرات التقليدية، إلا أنها تشكل تهديدًا نفسيًا واجتماعيًا يمكن أن يؤثر على جيل كامل إذا لم نتخذ التدابير اللازمة للحد من انتشارها. الحفاظ على صحة الشباب النفسية والجسدية يجب أن يكون أولوية، وهذه المخدرات الإلكترونية قد تكون واحدة من التحديات الجديدة التي يجب مواجهتها بمنتهى الحزم والجدية 
والسرعه
 
دكتور / محمد مصطفى محروس








 

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

Article المقال ( Septembre )

Article المقال ( Octobre )