Article المقال ( Octobre )
Ñ احتفالية هاملت Ò
(6 / 6)
بقلم : أ.د. عصام الدين فتوح
أستاذ الأدب الإنجليزي المتفرغ
قسم اللغة الإنجليزية وآدابها
كلية الآداب - جامعة الإسكندرية
و"هاملت" شيكسبير –
بالمناسبة – هي أطول مسرحية لشيكسبير، حيث تقع في حوالي 4000 سطراً، ويستلزم عرضها
حوالي أربع ساعات كاملة. وكان جمهور شيكسبير معتاداً على مثل تلك الاطالة، وقد
اختلف في ذلك عن جماهير السينما في يومنا هذا، الذين يتوقعون ألا يزيد الفيلم
السينمائي عن ساعتين ونصف على أكثر تقدير.
واضطُر براناه إلى تقسيم فيلمه إلى
جزئين، تفصل بينهما فترة استراحة قصيرة، وعلى الرغم من شعور جماهير السينما
بالملل، فقد أعجب أساتذة الأدب بالمدارس والجامعات بتلك النسخة في تدريس مسرحية
شيكسبير، حيث تمكنهم من التركيز على مشهد أو فصل بعينه من المسرحية أثناء حصة
الدرس.
وقد ننتقد إصرار براناه على إخراج
وبطولة النص الأصلي لشيكسبير، ولكن ما قد نأخذه عليه، بل ونرفضه من الناحية
الفنية، إضافة مشاهد لم يكتبها شيكسبير. فنرى في الفيلم مثلاً مشهداً لفورتينبرا
شاباً، يتلقى توبيخاً من عمه الكهل لمحاولته غزو بولندا. وأغرب من ذلك، فقد أضاف
براناه مشهداً لهاملت وأوفيليا معاً بالفراش، وهو تفسير غير منطقي نقدياً لعلاقة
الحب العذري بينهما.
اختار براناه موقعاً لأحداث
"هاملت" في القرن التاسع عشر، في وقت تصارعت فيه الممالك والعائلات
الملكية في أرجاء أوروبا. وأتاح هذا الاختيار لبراناه أن يصبغ على فيلمه ابهاراً
بصرياً عن طريق تأجيره لقصر بلنهايم، بقاعاته الفسيحة التي ملأها بالبذات العسكرية
بوقارها، وفساتين الأرستقراطية الأوروبية بألوانها الزاهية.
إلا أن ميل المخرج للإبهار يكاد في
بعض المشاهد أن ينزع إلى الكوميديا غير المقصودة. فحين حاول براناه تقديم شبح
هاملت الأب، جعل منه تمثالاً عملاقاً، يمشي الهوينة وسط الجليد، محاطاً بانفجارات
جعلت منه أشبه بشخصيات حرب الكواكب عن شبح هاملت الذي كان شيكسبير شخصياً يقوم
بتمثيله على خشبة المسرح. ونلاحظ أيضاً أن مشهد المبارزة الأخيرة بين هاملت
وليارتيس قد جنح إلى أفلام المغامرة الشهيرة في تاريخ هوليوود السينمائي، مثل
أفلام "سجين زندا"، و"روبين هود".
شهد القرن الحالي عدة محاولات لإعادة
تقديم هاملت لجمهور السينما، لعل من أشهرها تناول ألمريدا الذي يقدم البطل
الأسطوري كشاب من الهيبيز في مدينة نيويورك، حيت تتحول الدنمارك إلى شركة متعددة
الجنسيات، وقصر إلسينور إلى فندق في ناطحة سحاب بالقرب من ميدان تايمز سكوير.
وقد ظهر مؤخراً فيلم من إخراج ديك
دوجلاس في عام 2017، تلاه محاولة تايلور مايرز عام 2019، وهي محاولة للجمع بين تقنيات
المسرح والسينما في آن واحد. ولعلنا قد نشهد في العقود القادمة محاولات عدة لمخرجين
وممثلين في استلهام هاملت، هذا الرمز الملغز لواحدة من أعظم المسرحيات في تاريخ
الأدب العالمي.
بيروت، في 10/10/2020
https://alcamag.blogspot.com/2020/10/article-octobre_16.html
رابط المقال الثانى : هاملت ... و السينما الصامتة 2 / 6
https://alcamag.blogspot.com/2020/10/article-octobre_90.html
رابط المقال الثالث : هاملت ... بطلا متألقا 3 / 6
https://alcamag.blogspot.com/2020/10/article-octobre_18.html
رابط المقال الرابع : هامنت ... هاملت الروسى 4 / 6
https://alcamag.blogspot.com/2020/10/n.html
رابط المقال الخامس : القلب الشجاع ... فى دور هاملت 5 / 6
Commentaires
Enregistrer un commentaire