Article المقال ( Octobre )

 





Ñ
 
القلب الشجاع ... في دور هاملت Ò


(5 / 6) 




بقلم : أ.د. عصام الدين فتوح

أستاذ الأدب الإنجليزي المتفرغ

قسم اللغة الإنجليزية وآدابها

كلية الآداب - جامعة الإسكندرية





لم يكن قرار فرانكو زفريللي (1923-2019) المخرج الإيطالي العالمي بإخراج "هاملت" أول محاولة للمخرج لترجمة مسرحية لشيكسبير. فقد قدم زفريللي بنجاح منقطع النظير أجمل قصة حب عرفها التاريخ على الشاشة الفضية، في فيلم جنح إلى الرومانسية وابتعد عن الإطار الكلاسيكي الذي اعتادت السينما على تقديمه لمأساة شهداء الحب.




استهدف فيلم "روميو وجولييت" أجيالاً من الشباب باختياره لبطلين في ربيع العمر (كان عمر البطلة لا يتجاوز الخامسة عشر – كما صورها شيكسبير)، وأراد بتناوله لهاملت أن يكرر نجاحه مع جيل الشباب، فكان اختياره ميل جيبسون في دور البطولة، وهو نجم أفلام الحركة، متعمداً أن يكون متوسط كل لقطة منفردة بالفيلم لا يزيد عن ست ثوان، فخرج فيلمه سريع الإيقاع، تتزايد سرعته تجاه نهايته المأساوية المحتومة في مشاهد الفيلم الأخيرة. وميل جيبسون في هذه النسخة من هاملت، شاب رياضي متفاءل، يصدم بجريمة مقتل أبيه.

وفي أولى مشاهد الفيلم، يقدم لنا هاملت في ثياب العزاء السوداء، محاطاً بكلوديوس، عمه القاتل وجيرترود أمه الخائنة لعهد أبيه، ويتوسط الكادر جثمان هاملت الملك القتيل قبل دفنه، كبداية منطقية للمأساة التي على وشك أن تتكشف أمام المشاهد، بأطرافها الأربعة من ملك مغدور، وأخ خائن، وابن مكلوم، في صراع مميت على حب امرأة واحدة، جيرترود.




اختار زيفريللي ممثلة الإغراء جلين كلوز في دور الأم الشابة التي يفتن بها هاملت الأب، وتفضل عليه أخاه الأصغر سناً، والأكثر جاذبية لامرأة لعوب مثلها. وقد انتقى زفريللي الممثل المخضرم بول سكوفيلد ليلعب دور شبح الملك الأب، المثل الأعلى للابن المكلوم، راجياً ابنه تخليد ذكراه، وعدم التقاعس عن الانتقام له من أخيه الخائن.

يقدم جيبسون في هذا الفيلم شخصية تتحول من الثقة بالنفس، وروح الدعابة، إلى الكآبة والتشاؤم المهيمنان عليه، بعد أن أقسم لأبيه على انتوائه القصاص من قاتل أبيه، ويحمل بذلك عبئاً كان مقدراً له أن ينوء به على عكس طبيعته المنفتحة الاجتماعية التي فطر عليها.




اختار زفريللي كموقع للأحداث قصر دانوتار في أبردين باسكتلندا، الذي يتميز بجهامته مقارنة بالغابات المورقة والأشجار الباسقة والأزهار التي تحيط به. وقد أضفى الديكور القوتي داخل القصر، بتماثيله المفزعة التي تتهدد البطل الشاب في كل لحظة جواً من الرعب والتوجس، إلا أن جو القتامة هذا أحياناً ينقلب كوميدياً حين يسخر هاملت من بولونيوس الذي يحاول التجسس عليه، مدعياً الجنون بمكتبة القصر، حيث جلس مرتدياً فردة حذاء واحدة فقط، مردداً ومجيباً عن سؤال بولونيوس عن الكتاب الذي يقرأه بقوله الشهير "كلمات، كلمات، كلمات".

كما يسخر هاملت في مبارزته الأخيرة مع ليارتيس ساخراً منه وداعياً أمه جيرترود للضحك عليه مؤمنة بتفوق ابنها، وانتصاره الحتمي.

سئل بطل "هاملت" بعد العرض الأول لفيلمه عن تقييمه لأدائه المتميز في هذا الفيلم. فأجاب جيبسون "الآن وبعد أن شاهدت العرض قد بدأت أثق أن بإمكاني اليوم أن أقوم بلعب هذا الدور". ويذكرنا هذا القول بما كتبه الشاعر والناقد الإنجليزي ت.س. إليوت، بأنك لا تصل إلى أعماق أعمال شيكسبير إلا بعد دراسة متأنية قد تستغرق عمراً بأكمله ... ولعل عمراً واحداً قد لا يكفي.

 

بيروت، في 9/10/2020




رابط المقال الأول : هاملت ... و الشاشة الفضية   1 / 6 

https://alcamag.blogspot.com/2020/10/article-octobre_16.html

 

 

رابط المقال الثانى : هاملت ... و السينما الصامتة  2 / 6 

https://alcamag.blogspot.com/2020/10/article-octobre_90.html

 

رابط المقال الثالث : هاملت ... بطلا متألقا  3 / 6 

https://alcamag.blogspot.com/2020/10/article-octobre_18.html

 

 

رابط المقال الرابع : هامنت ... هاملت الروسى 4 / 6 

https://alcamag.blogspot.com/2020/10/n.html

 

 

 

 







Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

Poème ( Avril )

Poème ( Avril )

La Nouvelle القصة القصيرة ( Octobre )