Article المقال ( Septembre )





 

الدجال قبل المسيخ الدجال

دراسة اجتماعيه حول الترابط بين الشبكة العنكبوتية والمسيخ الدجال

من الناحية الدينية والأسطورية


إعداد 

الدكتور/ محمد مصطفي محروس

 



تبدو المسافة بين الشبكة العنكبوتية والمسيح الدجال شاسعة، ولكن هناك قواسم مشتركة تختزل ما بينهما من التماثلية في التأثير إلى المدى الذي يجعل الإنترنت فكرة تطبيقية لحالة المسيخ الدجال، ويجعل المسيخ الدجال حالة رمزية لفكرة الإنترنت أو الشبكة العنكبوتية، وبذلك فإن الإنترنت والمسيح الدجال ليس محاولة تخيلية أسطورية أو دينية لسيناريو نهاية التاريخ، كما أن تداخل التراث بالدين ظاهرة تمتد إلى كل الأديان والمجتمعات في التاريخ والجغرافيا، وتعتبر الأساطير المصدر التاريخي الأهم لحقبة زمنية كانت خالية تمامًا من أي مصادر مكتوبة، كما كانت خالية من كل شكل من أشكال الكتابة؛ لذلك كانت الأساطير موجودة عند الشعوب كلها، وكانت هي نفسها تاريخ الشعوب؛ فرغم النجاح الذي حققته الإنترنت ورغم الخدمات المتعددة؛ فإن هذا لا يعني أن الإنترنت لا تخلو من السلبيات والتي قد تكون خطيرة التأثير على مستخدميها، ولا شك أن شبكة الإنترنت مغرية وتجذب أفراد المجتمع بشكل خطير جداً؛ فالتحول التكنولوجي والرقمي لم ينمو ويزدهر إلا بفضل خيال الإنسان الواسع، حيث أثمر  ظهور الإنترنت إلى أسطورة جديدة لعالم أفضل يصبو إليها كل الناس، وفي هذا فلقد اختلف أهل العلم في وجه اختلاف هذا اللقب على الدجال الأكبر وكثرت الأقوال في ذلك إلا أن أظهرها قول من قال سمي الدجال مسيخاً لأن المسيخ لا عين له ولا حاجب، والمسيخ أحد شقي وجهه ممسوخ لا عين له  ولا حاجب، ولذلك سمي مسيخاً، وقيل إنه سمي بالمسيح لأنه يمسح الأرض أي يقطعها،  وفي هذا فلقد قال: الإمام السيوطي: وأشراط الساعة الكبرى وهي: نزول عيسى، وخروج الدجال، ويأجوج ومأجوج، والدابة، والدخان، ورفع القرآن، والخسف، وطلوع الشمس من مغربها، وغلق باب التوبة، وأحوال البعث من النفخات الثلاث: نفخة الفزع، ونفخة الصعق، ونفخة القيام، لكن هناك اسم آخر ثبت في حديث آخر، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه  بعد أن ساق الحديث بقوله: « فآذنته أمه، فقالت: يا عبد الله، هذا أبو القاسم قد جاء فاخرج إليه فخرج»، وهذا يثبت أيضًا اسم عبد الله له، وهذا يثبت أن (ابن صياد) كان له اسمان: (صاف وعبد الله)، وقد بين ابن حجر ذلك بقوله: وفي حديث جابر فقالت: يا عبد الله هذا أبو القاسم قد جاء، وقد كان ابن صياد من يهود المدينة ولقبه عبد الله، ويقال صاف، وقد يكون أصل اسمه صاف، ثم تسمى لما أسلم بعبد الله، وهناك من نفى عنه تهمة أنه الدجال: كما قال ابن كثير  في تفسيره في الصحيحين، وهناك من أثبت أنه الدجال: كالقرطبي الذي أجزم بأن ابن صياد هو الدجال، ولكن من هو المسيخ الدجال في الأديان السماوية الثلاث؟: حيث اختلفت الأديان السماوية الثلاث فيما ترويه عن ذلك «المسيخ الدجال المدعي» ففي: الرواية اليهودية: تقول التوراة: «يولد لنا ولد، ونعطى ابناً، وتكون الرياسة على كتفه، ويدعى اسمه عجيباً مسيراً إلهاً قديراً أباً أبدياً؛ وقد تحدث التلمود أيضاً بالطريقة نفسها التي تحدثت بها التوراة، ومن جانب آخر هناك ثلاثة مذاهب يهودية هي المحافظة والأرثوذوكسية والإصلاحية حيث تتفق كل من المحافظة والأرثوذوكسية بفكرة قدوم المسيخ الدجال بينما اليهودية الإصلاحية تنفي أن يكون هناك مسيح قادم ولكن البعض منهم يؤمنون بهذه الفكرة، بينما في الرواية المسيحية، في رؤيا يوحنا يقول الكتاب: ثُمَّ وَقَفْتُ عَلَى رَمْلِ الْبَحْرِ، فَرَأَيْتُ وَحْشًا طَالِعًا مِنَ الْبَحْرِ لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، وَعَلَى قُرُونِهِ عَشَرَةُ تِيجَانٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِ اسْمُ تَجْدِيفٍ؛ فالسبعة رؤوس أو السبعة ملوك ترمز إلى سبع ممالك تظهر على مسرح التاريخ وعلى مر العصور، في حين جاءت الرواية الإسلامية حيث يقول رسول الله محمد (ص): «يا أيها الناس إنها لم تكن فتنة على وجه الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم - ولا تكون حتى تقوم الساعة أعظم من فتنة الدجال؛ ولن ينجو أحد مما قبلها إلا نجا منها، ويقول الرسول (ص) في وصف الدجال: يا عباد الله فاثبتوا، ثلاثا فإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه نبي قبلي، فيقول: أنا نبي ولا نبي بعدي ثم يثني فيقول: أنا ربكم، ولا ترون ربكم حتى تموتوا، وإنه أعور ممسوح العين اليسرى عليها ظفرة غليظة خضراء كأنها كوكب دري عينه اليمنى كأنها عنبة طافية ليست بناتئة ولا حجراء........ إلي آخره، والدجال لا يخرج حتى تنزل الروم بالأعماق أو بدابق يجمعون لأهل الإسلام ويجمع لهم أهل الإسلام فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ، وأما عن خوارق الدجال: فلقد جاء في رواية البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن هذا الرجل الذي يقتله الدجال من خيار الناس، يخرج إلى الدجال من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول للدجال (أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه، فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته، هل تشكون في الأمر؟ فيقولون: لا؛ فيقتله، ثم يحييه، فيقول (أي الرجل) والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم، فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه)، ونأتي إلي نزول المسيخ وقدوم المهدي المنتظر: ففي حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): (والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم أبن مريم عدلاً، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا  وما فيها)، ولنأتي إلي السؤال الهام من هو المهدي المنتظر؟: فلقد تناقل المسلمون هذا الاسم عبر الأجيال، فهو يعبر عن انتظار تلك البشرى التي بشر بها الرسول الأكرم، وذلك القائد الذي يحقق آمال البشرية وتحقيق جهود الأنبياء، حيث سيملأها قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً،  كما بشر به الرسول الأكرم، من هنا كان للفظ المنتظر هذا المعنى؛ وهنا يأتي التساؤل: هل المسيخ الدجال حقيقة دينية أم أسطورة اجتماعية؟ فالأسطورة ظاهرة دينية وإنسانية، نشأت لدى الشعوب في عصور ما قبل التاريخ، ولا تزال موجودة في عصرنا الحاضر عند القبائل البدائية التي ليس لها تاريخ حقيقي، كما أنها محاولة لفهم الكون أو العالم بشتى ظواهره، وتقديم تفسيرات له، وهي لا تخلو من منطق معين، ومن رؤية أولية، تطور عنها العلم والفلسفة فيما بعد؛ ومن ثم فما العلاقة بين فتنة المسيخ الدجال وفتنة الشبكة العنكبوتية؟  حيث تعتبر فتنة المسيخ الدجال أكبر فتنة عبر التاريخ وحذر منه كل الأنبياء والرسل، وتكون محصلة تراكم فتن الضلال حول العالم سبقتها وتهيء لظهوره، كما أن هذه الطفرة الهائلة في عالم التواصل والاتصال صاحبتها مظاهر سلبية كثيرة تمثلت بزيادة معدلات الطلاق وقطيعة الرحم وانتشار الشائعات والبذخ والتفاخر والابتزاز والاستغلال الجنسي وغيرها من المشاكل الاجتماعية المعقدة، وأصبح التباعد العاطفي ونقص الحب والاهتمام أصبح السمة السائدة في العلاقة بين الآباء والأبناء فكل منهم مشغول بجهازه الخاص سواء كان جهاز تليفون محمول أو كمبيوتر أو متابعة الأفلام الخاصة به مما أدى إلى حدوث فجوة كبيرة بين الآباء والأبناء، وبنظره ثاقبة تجد ما سوف يفعله المسيخ الدجال من فتنه بالناس، يتم فعله من الإنترنت أو الشبكة العنكبوتية من فتنه مع الناس هذه الأيام، من تفرقه بين الأهل والزوج والزوجة والأخوات، والأصدقاء، حيث أن الإنترنت فتنت الناس بما تحويه من برامج وألعاب ومواقع للتواصل مع كافة الناس في أي مكان في العالم.


 

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

Article المقال ( Septembre )

Article المقال ( Octobre )

Article المقال ( Septembre )