Article المقال ( Avril )

مخاطر الذكاء الاصطناعي 

إعداد

الدكتور/ محمد مصطفي محروس

تمهيد:

1 - وصف الذكاء الاصطناعي بأوصاف مختلفة من قبل، فتارة يوصف بأنه الدواء الشامل لكل أمراض العالم، وتارة بأنه مؤامرة ينفذها نشطاء الدولة العميقة.  

2 - فالذكاء الاصطناعي في الوقت الحالي ليس قريبًا من استبدال القوى العاملة ولكنه يضيف إلى إنتاجية العمال وبالتالي، فيمكن ملاحظة أن الدراسات التي قدمتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لا تزال منقسمة بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي على التوظيف والأجور والعمالة.

3 – فهناك تخوف مما قد يترتب على تطبيقات الذكاء الاصطناعي من سلوكيات وممارسات ترتبط بالأخلاقيات والقيم البشرية.  

4 – فالاعتماد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في التعليم مثلاً، لا ينبغي أبدًا تغافل أنه سيبقى (للسؤال) في العملية التعليمية مكانته بل وقيمته التي تفوق أية تكنولوجيا. 

ولكن ما هو مفهوم الذكاء الاصطناعي:

1 - لمعرفة ماهية الذكاء الاصطناعي يتعين أولا تحديد المقصود بالذكاء الاصطناعي حيث يرمز له ب: (A.I)، اختصاراً ل: Article Intelligence، ويعرف بأكثر من تعريف منها: 

أ – يعد الذكاء الاصطناعي فرعًا من فروع علم الحاسوب التي تعني بخلق آلات وأجهزة ذكية.

ب – يعرف بأنه محاكاة الدماغ البشري في القيام ببعض وظائفه المعقدة مثل: التعلم – التخطيط – تمييز الكلام – حل المشكلات – التفكير العقلي والمنطقي.

2 - أن تطويره وانتشاره في كثير من المجالات أدى إلى طفرة في حياة الرفاهية البشرية، والحفاظ على أرواحهم، مثل استخدام الإنسان الآلي في الأعمال الشاقة والخطرة وفي ميادين المعارك الحربية، كما أنه قادر على اكتشاف الأمراض ومتابعة الحالة الصحية للمرضى، وتوفير المساعدة لذوي الإعاقة ومراقبة المنازل والمؤسسات والبنوك وحمايتها من عمليات القرصنة والسرقة والاعتداء على الممتلكات، بل وفي مجال الرياضة أيضاً وفي غيرها من الاستخدامات المتعددة التي طالتها تطبيقات الذكاء الاصطناعي. 

3 – من الآثار الخطيرة المترتبة على التوسع في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي هو التأثير على قدرات الذكاء البشرية، حيث إن الاعتماد الكلي على هذه التطبيقات في اتخاذ القرارات وتأدية الوظائف نيابة عن البشر قد يؤدي إلى تعطيل لقدراتهم الذهنية ومع الاستمرار في هذا النهج يتدنى مستوى القدرات الذهنية البشرية. وبالتالي أداؤها نتيجة إهمالها وعدم تعزيزها. 

4 - ويعتبر ذلك بمثابة اختطاف للإنسان من قبل هذه التطبيقات، وقد أصبح من الملاحظ في العديد من فئات المجتمع فقدان المهارات الاجتماعية كالعلاقات العامة ومهارة التحدث والخطابة، بل وأصبحوا يميلون إلى حالة العزلة أكثر.أما أكثر المخاطر المترتبة على استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي هو التأثير على منظومة القيم والأخلاق في المجتمع، وقد حذر منها العديد من المختصين.

5 – وقد توصلت دراسة أجرتها جامعة أكسفورد إلى أن التكنولوجيا سوف تحل محل الإنسان في القيام بجميع الأعمال البشرية خلال ما يزيد قليلاً عن قرن من الزمان، ورغم أن الكثيرين يرون أن التكنولوجيا سوف تخلق وظائف جديدة، فمن المستبعد أن تخلق التكنولوجيا عدداً كافياً من الوظائف يماثل عدد الوظائف التي ستحل محلها مما سيزيد من البطالة.

6 - وهذا الارتفاع غير المسبوق في معدلات البطالة قد يؤدي بسهولة إلى اندلاع التظاهرات والثورات، وسوف تؤدي البطالة إلى تغيير وجه المجتمع والحياة السياسة، وهذه هي المعضلة التي ينبغي للحكومات والقطاعات الصناعية حول العالم أن تتصدى لها لضمان الاستقرار والانتقال بسلاسة إلى المستقبل بدون الاعتماد الكلي علي الذكاء الاصطناعي.  

7 – ولذا؛ ينطوي الذكاء الاصطناعي على العديد من المخاطر المحتملة مع توسع قدرات الذكاء الاصطناعي وانتشاره، ستستمر المخاطر المرتبطة به في التطور، فيما يلي  أكثر خمسة مخاطر للذكاء الاصطناعي انتشاراً: 

أ -  الافتقار إلى إمكانية تتبع تنفيذ الذكاء الاصطناعي.

ب - إدخال التحيز البرنامجي في صنع القرار.

ج - مصادر البيانات وانتهاك الخصوصية الشخصية.

د - الخطوات الرياضية والمنطقية والمتسلسلة اللازمة لحل المشكلة ونقص الشفافية.

ه - المسؤولية القانونية غير واضحة.

ولكن هل فوائد الذكاء الاصطناعي تفوق المخاطر؟

1 - مخاطر الذكاء الاصطناعي كبيرة، لكن استخدام هذه الأدوات ونموها أمر حتمي أيضًا، حيث تتجاوز الفوائد مكاسب الكفاءة البسيطة وتشمل سيناريو اتخاذ قرار أكثر إنصافًا عندما يتم تدريب الخوارزميات على تجنب التحيز، مع زيادة فهمنا من منظور إدارة المخاطر والتدقيق، حيث يجب أن نبحث عن مفتاح المميزات في أنظمة الذكاء الاصطناعي:

أ - يجب أن تتضمن أنظمة الذكاء الاصطناعي وثائق تصميم واضحة.

ب - يجب أن يشمل التعلم الآلي الاختبار والتحسين.

ج - يجب أن يحظى التحكم في الذكاء الاصطناعي بالأولوية على الخوارزميات والكفاءة.

2 - وتأسيساً علي ذلك؛ نتحمل جميعًا مسؤولية معرفة المزيد عن مخاطر الذكاء الاصطناعي والتحكم في تلك المخاطر، ولن يختفي الموضوع، وستستمر المخاطر في النمو والتغير مع زيادة تقدم التكنولوجيا وانتشارها، وستكون المنظمات التي تتبنى النقاط الرئيسية الثلاث المذكورة أعلاه مجهزة بشكل أفضل لإدارة مخاطر أنظمة الذكاء الاصطناعي التي قد يكون لها عواقب قانونية وخيمة.

وعلي هذا فلقد أخذ الخبراء بعين الاعتبار استخدامات الذكاء الاصطناعي الموجود حاليًا أو الذي يمكن أن يتم تطويره خلال السنوات الخمس القادمة، ثم تم تقسيمهم إلى 3 مجموعات، رقمية، ومادية وسياسية، وهي:

1 - المخاطر الرقمية: وتتم من خلال: 

أ- الاحتيال الأوتوماتيكي، أو إنشاء حسابات بريد إلكتروني مزيفة، ومواقع إلكترونية، وروابط إلكترونية لسرقة المعلومات.

ب- عمليات اختراق أسرع من خلال الكشف الآلي عن البرمجيات التي يمكن اختراقها.

ج- خداع الذكاء الاصطناعي من خلال استغلال الثغرات التي يرى الذكاء الاصطناعي من خلالها العالم.

2 - الهاجس المادي: ويظهر من خلال: 

أ- تحويل الهجمات الإرهابية إلى وسائل إلكترونية ذكية بلا وجود فعلي للبشر، من خلال استخدام الطائرات بدون طيار أو المركبات ذاتية القيادة كأسلحة.

ب- استخدام العديد من الروبوتات، والتي تتكون من الروبوتات الذاتية التي تحاول تحقيق الهدف نفسه.

ج- الهجمات عن بُعد، حيث إن الروبوتات الذاتية ليست بحاجة للتحكم بها من أي مسافة مهما كانت بعيدة.

3 - العوائق السياسية: وتتضح من خلال: 

أ- الدعايات المغرضة، من خلال الإنتاج التلقائي للصور ومقاطع الفيديو المزيفة.

ب- الإزالة التلقائية لكل ما هو معارض، من خلال العثور التلقائي على النصوص والصور المعارضة لسياسات بعض الأنظمة وإزالتها.

ج- ممارسة الإقناع الشخصي، باستغلال المعلومات المتوفرة للعموم لاستهداف شخص والتأثير على رأيه. 

ففي حين أن الذكاء الاصطناعي قد يكون لديه القدرة علي دعم وتحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ فهو في ذات الوقت يعد أداة فتاكة للانحراف، حيث لا رقيب علي كم البيانات المتواجد علي الإنترنت، وبالتالي أصبحت التطبيقات الموجودة والمؤدية إلي الانحراف غاية في الوحشية، فالتطورات التكنولوجية السريعة تؤدي حتما إلى مخاطر متعددة، حيث يمكنك عن طريق الذكاء الاصطناعي تكوين قنبلة بكل سهولة وفي ذات الوقت لا أحد يمكنه منع هذا الشر من الاستمرار، فحرية البيانات المتداولة والمخزنة لا حدود لها، وهذا بالطبع يسهل عمليات الانحراف بالإضافة إلي زيادة الجرائم وأنواعها من أساليب للقتل إلي السرقة بأنواعها، إلي تجارة المخدرات والآثار والسلاح وغير ذلك من الجرائم المتنوعة والكثيرة، ويستطيع أي طالب صغير أن يتناول أي معلومة مهما بلغت خطورتها، أو أداء تجربة كيميائية خطيرة بدون رقيب عليه،  لذلك نسعي في هذا المقال لوضع بعض الحلول من أجل عدم الاعتماد الكلي علي الذكاء الاصطناعي والذي من الممكن أن تكون له العديد من الآثار السيئة علي الفرد والمجتمع.

حيث أن هناك عدة حلول لعدم إدخال الذكاء الاصطناعي في حياتنا بشكل أساسي منها: 

1 -   يجب إعادة تدريب القوى العاملة بصورة مستمرة، وعدم الاستغناء عنهم. 

2 – تعلم بعض الحرف اليدوية البسيطة والتي تساعد علي تنمية القدرات الذهنية. 

3 – تجربة زراعة بعض الزراعات المنزلية، كنوع من شغل أوقات الفراغ.  

4 -  عدم تعويد الأطفال علي استخدام الآلات الحاسبة منذ وقت مبكر في العمليات الحسابية.   

5 – الرجوع لعادة القراءة من الكتاب الورقي وليس الكتاب الإلكتروني (الهاتف المحمول). 

6 – تشجيع العودة إلي الجلوس مع العائلة ومناقشة أي موضوعات تتعلق بالأسرة - الأبناء - الآباء.

7-  يجب عدم الاعتماد علي الذكاء الاصطناعي بكثرة، وذلك لأنه يزيد من مخاطر المرونة في التعامل مع الآخرين. 

8 – يجب استخدم الذكاء الاصطناعي لتعزيز الإنتاجية بنفس العدد من الأشخاص، بدلاً من التخلص من الموظفين. 

9 – أعلم ان الذكاء الاصطناعي أداة متحيزة لمجموعة البيانات المخزنة بها، فلا يجب أن يتم الاعتماد عليها كلياً. 

10 – وأخيرًا؛ تذكر أن الذكاء الاصطناعي ما هو إلا آلة بلا عواطف وأحاسيس فلا تجعل من هذه الآلة محركاً لك.  

خاتمة: 

فــي المســتقبل ســيكون الــذكاء الاصطناعــي قادراً علـى القيام بوظائف متعددة علي المسـتوى الشـخصي فـي حياتنـا اليوميـة، فمثلا سـيكون قـادرا علي معرفة الثغرات الموجودة في الأجهزة الذكيـة واكتشـافها وإصلاحهـا، وسـيكون قادرا علـى إدارة شـؤون المنـزل كافـة مـن التعـرف علـى الــزوار واســتقبالهم إلــى التنبيــه بحالــة وجــود أي خطــر داخــل المنـزل، مثـل حالـة الحريـق أو تعـرض طفـل صغيـر للسـقوط مـن أعلـى أو وجـود محاولـة سـرقة للمنـزل، وسـيقوم بإعـداد القهـوة الخاصــة بــك وطلــب احتياجــات المنــزل مــن الســوبر ماركــت وتوصيلهـا إلـى المنـزل بصـورة آليـة، وسيسـتطيع قيـادة سـيارتك ودراجتـك، وكذلـك التعـرف علـى حالتـك المزاجيـة والتفاعـل معها وترشــيح أي المنتجــات فــي الأســواق تتناســب وذوقــك، وفــي أي الأماكـن يمكـن أن تجـده، حيث أن الذكاء الاصطناعي نجح في التأثير السلبي على العديد من جوانب الحياة البشرية، في الوقت الذي لم نجد فيه أي ضوابط للتحكم في استخدام تطبيقات ذلك الذكاء الاصطناعي أو حتى وجود تشريعات تنظم وتحكم التعامل مع هذه التطبيقات، وهذا الأمر يتطلب ضرورة صياغة إطار أخلاقي للتعامل مع مجتمع الذكاء الاصطناعي.