Article المقال ( Novembre )




   بهاء طاهر 



بقلم : أ.د. عصام الدين فتوح

أستاذ الأدب الإنجليزى – قسم اللغة الإنجليزية وآدابها

كلية الآداب

 






فقدت مصر والعالم العربي يوم 27 أكتوبر 2022، فارساً من أهم وأنبل فرسان الثقافة، وكاتباً روائياً من الطراز الأول، لا يقل أصالة عن عمالقة الرواية العربية الحديثة، من أمثال نجيب محفوظ وجمال الغيطاني.

وهب بهاء طاهر حياته لخدمة الثقافة العربية بجهد وعلم وثقافة عالمية، محتلاً مراكز هامة وحيوية في مؤسسات ثقافية مختلفة، بالإضافة بالطبع لإنتاجه الروائي المتميز، الذي نال عنه عدة جوائز محلية وعالمية، كما ترجمت أهم رواياته إلى عدة لغات أجنبية.

كان الفقيد دارسا أكاديمياً للتاريخ، حيث تخرج في كلية الآداب بجامعة القاهرة عام 1956 ،وكان يجيد عدة ً لغات، مما أهله للعمل مترجماً في الهيئة العامة للاستعلامات. وكان الفقيد من أهم مؤسسي إذاعة البرنامج الثاني، الذي ساهم مساهمة فعالة في خلق مناخ فكري راق ولالرتقاء بالنخبة الثقافية في مصر والعالم العربي، إذ ترجم أعمالًا أدبية رفيعة إلى العربية، كما قام بإخراج عدة مسرحيات ساهمت في تشكيل وعي حداثي وعربي عالمي.

تم ابعاد طاهر – بكل أسف – عن الحياة الثقافية بواسطة أعداء الوعي، والقوى الإظالمية السلفية أيديولوجياً، والرجعية التي ترتعد فرائسها، شاعرة بالتهديد أمام كل فكر حر ينادي بالحرية والثقافة الرفيعة والديمقراطية.

زار طاهر آسيا وأفريقيا بعد صدور القرار الطائش والغاشم بمنعه من الكتابة، ثم انتقل إلى أوروبا واستقر بجينيف، حيث تلقفته منظمة الأمم المتحدة يعمل بها من كبار المترجمين، لتمكنه من أسرار اللغة العربية ولأسلوبه المتميز. إلا أنه من المهم أن نلاحظ أن بهاء طاهر لم يتوقف قط عن الكتابة اإلبداعية، التي رأى فيها رسالته الأولى، إلى أن عاد إلى أرض الوطن، بل ومثلت اقامته بأوروبا الخلفية التاريخية والجغرافية لرواية من أعظم ما كتب، ألا وهي "الحب في المنفى".

استمر عطاء طاهر بعد عودته إلى أرض الوطن، حيث حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1998، ونال الجائزة العالمية للرواية العربية عن روايته "واحة الغروب"، عدا جائزتين من ايطاليا عن "خالتي صفية والدير"، و"الحب في المنفى".

وكعادته دائما رفض الكاتب الكبير جائزة مبارك في الآداب، احتجاجاً واعتراضاً على قتل النظام للمتظاهرين المصريين الشرفاء.

وآخيراً، وليس آخراً، فقد تبرع الكاتب الكبير بقطعة أرض يملكها لاقامة قصر ثقافة مهيب بكرم وشهامة عربية أصيلة. وسوف نتناول قريبا اسهامات بهاء طاهر النقدية في كتابات مثل "عشر مسرحيات مصرية"،  و"أبناء رفاعة"، و"في مديح" الرواية"، فضلا ً عن مجموعاته القصصية التي تعتبر امتداداً لإبداعات يوسف إدريس في القصة القصيرة، ومجموعة رواياته التي تمثل نقاط نور للمثقفين المصريين والعرب.

رحم الله كاتبنا الكبير الذي ساهم في اضفاء بهاء وطهارة على تراثنا الأدبي المعاصر، تماماً كاسمه الذي سيخلده تاريخ الأدب المصري المعاصر – بهاء طاهر.


الإسكندرية، 2022/11/13
 






Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

Article المقال ( Septembre )

Article المقال ( Octobre )

Article المقال ( Septembre )