Article المقال ( Decembre)





نسخة بينوكيو الإيطالية تعيد الدمية إلى جذورها



ترجمة : د. ليلى أحمد حلمي


 أستاذ مشارك اللغة الإنجليزية 

رئيس قسم اللغة الإنجليزية وآدابها

 كلية العلوم الإنسانيةجامعة بيروت العربية 

  

 

لا تعيد المعالجة السينمائية الأحدث لقصة بينوكيو سرد قصة والت ديزني في فيلمه الصادر عام 1940، وإنما يسترجع مخرجها المصدر الأصلي للحكاية، فرواية الكاتب الإيطالي كارلو كولودي "مغامرات بينوكيو" (1883)، قصة أكثر قتامة عن نسخة ديزني من الرسوم المتحركة التي يتخللها الكثير من الأغنيات، كما أن فيلم جارون تجربة أكثر اثارة، وإن حرص على التخفيف من وطأة رواية كولودي. وعلى الرغم من أن المنتج النهائي لا يتناسب كثيراً للأطفال، إلا أن الحكاية الخيالية الغريبة الساحرة لتحظى بإعجاب كل المعجبين بأفلام جيليرمو ديل تورو أو "القصة التي لا تنتهي" لولفجانج بيترسن.

ومن المؤسف، وإن كان مفهوماً، أن الفيلم الإيطالي تم دبلجته إلى الإنجليزية تمهيداً لاصداره في دور عرض أمريكا الشمالية، الأمر الذي قد يمثل شيئاً من الإزعاج للناضجين من المشاهدين، لكنه يجعل الفيلم أقرب للأطفال. والحل الأمثل حالياً أن تتجاهل الدبلجة، فهذه النسخة فيما يبدو هي الوحيدة المتاحة حالياً في الولايات المتحدة.

ومن خلال المزج بين الواقعية والخيال، يرجع فيلم جارون بنا إلى مقاطعة توسكاني الفقيرة، حيث ينحت جيبيتو، ويقوم بدوره الممثل روبرتو بينيني، من قطعة خشب مسحورة، دمية صبي، ثم تمنى عليها أن تبث فيها روح الحياة، فهو متشوق أن يكون له ابناً، ويشعر بسعادة جارفة عندما تتحقق أمنيته. إلا أن بينوكيو، الذي يلعب دوره فريدريكو إيلابي، لا يخرج إلى الحياة شاكراً ممتناً – فهو شخص ضيق الصدر وشقي، في خليط شبه ساذج وشبه مؤذ. ولا يمضي الكثير من الوقت قبل أن يسوقه تمرده بعيداً عن منزله، في صحبة أشخاص مشبوهين يثق بينوكيو بهم ثقة عمياء. ويجد بينوكيو نفسه مضطراً إلى ولوج رحلة يشوبها الخطر والطابع الملحمي، في محاولة لايجاد طريق العودة إلى جيبيتو وبر الأمان.

لعل هذا التصوير لبينوكيو هو أحد أكثر النسخ واقعية لما قد تبدو عليه دمية خشبية استيقذت للحياة. فملامحه تكاد تطابق ملامح رسومات انريكو مازانتي الأصلية، وتم ترجمتها في هذا الفيلم من خلال مزيج من تقنيات الجرافيك ومكياج مارك كوليير، فنان المكياج الفائز بجائزة الأوسكار في فيلم "فندق بودابيست العظيم"، لنحظى بانجاز رائع للمؤثرات الخاصة.

كما أن الانتاج جدير بالإعجاب أيضاً، من ورشة جيبيتو إلى المنزل المذهل للجنية زرقاء الشعر التي تسهر على حماية بينوكيو، وعلى الرغم من مشاهد الطبيعة الإيطالية الخلابة تكاد تطغى على العمل، كما أن بينيني أيضاً يبدع بشكل خاص في الفيلم، على الرغم من أن مدة ظهوره على الشاشة تعد قصيرة، وتقتصر على بداية الفيلم ونهايته.

لم تكن قصة بينوكيو قط من الحكايات المفضلة لدي في طفولتي، ولعلني لست الوحيد، إلا أن للقصة، ودروسها المستفادة، جاذبية مستمرة. وعلى الرغم من أن العالم لا يفتقد إلى نسخ جديدة من قصة بينوكيو، إلا أن هناك المزيد منها قادم، فقريباً سيكون لدينا نسخة لروبرت زيميكيس، تمثيل توم هانكس، على قناة ديزني+، ونسخة جيليرمو ديل تورو الكارتونية على قناة نيتفليكس، تمثيل إيوان ماكجريجور، وتيلدا سوينتون، وكيت بلانشيت. ولكن، ربما تمكنت من مشاهدة هذه النسخة قبل أن تغمرنا كل هذه النسخ، فهي تتميز بمكونات فيلم كلاسيكي.

 

 

المصدر:

https://www.independent.co.uk/news/review-italian-pinocchio-takes-the-puppet-to-its-roots-matteo-garrone-italian-roots-roberto-benigni-walt-disney-b1779731.html?utm_content=Echobox&utm_medium=Social&utm_source=Twitter#Echobox=1609191622

 

 

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

Article المقال ( Septembre )

Article المقال ( Octobre )

Article المقال ( Septembre )