La Nouvelle القصة القصيرة (Juillet)
قصة قصيرة
بقلم : بيتر يوسف
اغلق
الباب باحتراس شديد بعد أن جعل عيناه تجولان في كل مكان من فوق إلى أسفل ومن
اليسار إلى اليمين خشية أن يكون المكان مراقب من أحد أو من بعضهن يتلصصن عليه كما
هو مشاع بينهن، لم يدر وهو يغلق الباب ، بعد ان اطمئن اغلق الاضاءة و اشغل لمبة
جاز وسار بها حيث المجتمعين وتنهد من قلبه ثم قال بصوت خفيض نبدأ الاجتماع
التأسيسي الأول.
عم سري الرجل متوسط الطول والعمر، لم يكن من النشطاء ولا يملك أي أفكار حزبية أو سلطوية، يعمل في احدى مكاتب الشهر العقاري اعتاد على العراك والتراشق اللفظي صباحاً بين منتظرو الخدمة وبين الموظفين مثله وليلاً يجلس في إحدى دور المناسبات مسؤول تنسيق، العمل كان له الاعتياد الملائم لكي تمر الأيام دون عناء مرارها، لم يمكن يحبذ فكرة الزواج أو لم يحبه الزواج .
في شبابه حاول كثيراً أن
يطرق أبواب ولكنه قوبل بالرفض احياناً. لم يعلم سبب واضح مرة كانت هيئته ومرة كان
عمله ومرات كان عمره وآخر سبب للرفض هي شعره الأشيب رغم وقتها كان لازال
يتمتع بشباب ما. لم يبالي كثيراً فليس كل المواليد ازواج وربما هذا قدره من
الحب والسعادة. افتى له فاتً انه اذا لم يكمل نصف دينه على الأرض يعوضه الله
اضعافاً في السماء مع الحوريات وصور له مشاهد أثارت غريزته وربما هنا قرر مقابلة
الموت بصدر رحب لأنه سيقابل الحوريات العاريات ذو الاثداء الاشداء وشراب لا ينقطع
وبات سرى مستعداً استعداً أمثل لمقابلتهن لكن الذي لا يدركه سري كونه مسيحياً أن
هذا بعيد كل البعد عن ما يؤمن به وأنه في السماء نكون كالملائكة لا زواج وإذا كان
عليه الزواج فليبحث بجدية أكثر في الأرض هنا او يبتعد عن المسيحية أن شاء فليس ما
يعوقه. لكن بمجرد المعرفة انتفض وصرخ وملئ الدنيا ضجيج أنه لا يترك دينه
مقابل أشياء دنيوية، مما استدعى وقتها مدير دار المناسبات مستفسراً منه عن سبب
الصراخ الذي بدوره قال سري
_
مش معني اني شغال في دار مناسبات تابعة للأزهر وانا مسيحي عايزني أسلم !!
اندهش
وقتها المدير وهو شيخ جليل وعلامه في علوم الدين، هو بنفسه الذي قام بتعيين سري في
منصب المنسق لما شاهده فيه من كفاءة وامانة حين كان يتمم بعض الإجراءات في الشهر
العقاري سأله لماذا يقول ذاك الكلام وما الداعي له وخصيصاً أنه لم أحد يحدثه
عن اعتناق ديانة أخرى غير ديانته ولا احد يعرفها سوى بعض الاشخاص. لم يجيبه بل جمع
اشياءه و وخرج من وسطهم دون توضيح او عتاب او اعتذار عن سوء الفهم والنية .
انقطعت علاقته بالدار هذه بينما لم تنقطع علاقة الشيخ الجليل به إذ كان يوده ويهاتفه من حين لآخر وهو يعرف أنه وحيداً. انتبه سري لعمله بشده لا يغيب مطلقاً اول الحضور اسرع الموظفين في الإنجاز آخرهم في الانصراف ، كان يكره الاجازات الاعتيادية والقومية والأعياد والمناسبات، كان يكره كل شيء قد يشعره انه وحيد او ان فاته قطار ما مما يسمونه قطار الزواج . أصبح العمل له مثل الخمر يسكر به ليضحك لكي تصيبه الثمالة والإعياء فيهبط على فراشه دون وعي ليستيقظ في الصباح محاولاً شرب المزيد والمزيد .إلا أنه فوجئ ببرقه تخطره بموعد تسليم العهدة واحالته على المعاش نظراً لبلوغه السن القانونية.
الصدمة كانت شديدة على وجهه بينما
السعادة تمتلى وجهه الزملاء هوذا الرجل المحب للعمل واخز ضمائرنا قارب على
الانصراف النهائي شاهد سري ذلك في عيونهم لم يتأسف ولم ويودعهم . بعض المحبين حاولوا
أن يقنعوه بإرسال برقية إلى الوزير لتمديد عام آخر بحجة الكفاءة وتأثير العمل لكنه
لم يرضخ لهم .
بعد
فترة وجيزة اقتنع انه عليه ان يتزوج من سيدة مات زوجها او لم تتزوج مثله يعينان
بعضهما البعض على الأيام المتبقية من حياتهما، وافق على مضض معتبراً انه بعض الوقت
الضائع ولكن سرعان ما تقابل بسيدة مات زوجان لها ووافقت رغم شيخوخته و أمراضه
المزمنة والأمراض التي لايعلم عنها شيئاً فانه لا يعمل إن كان جهازه التناسلي قادر
على الانتصاب أم لا ،فانه على الارجح يتألم عندما يتبول ولكنه وافق وهي تعرف كذلك.
لم تدم فترة الخطوبة طويلاً في مكتب في زاوية منعزلة قام الأب الكاهن بعمل
"الجبنيوت " وهو حاول شرحه لزملاءه المسلمين فلم يجد تشبيهاً أفضل من
كتب الكتاب وبعدها باسبوع في ساعة نهارية في يوم ممطر حيث لا يوجد أفراد أتم مراسم
الزيجة في الكنيسة مع اثنين من الشهود من الشمامسة أتى بهما القس.
لم
يمضي أسبوع وتعالت صيحات سري مع زوجته التي كانت تفعل كل شيء لأماتته على حسب قوله
، فكانت تضع كميات كبيرة من السمن المهدرج والفلاحي في الأكل مدعية ان اكثر صحه،
كانت تهتم بنفسها على أن تهتم بإطفاء شعلات الموقد وإغلاق محابس الغاز . عرف
مؤخراً ان زوجها الاثنان ماتا بسببها واحداً بسبب تسريب غاز الانبوبه بينما كان
يأخذ القيلولة والاخر مات إثر جلطة في المخ بسبب جرعات زائدة في دوائه .
ذهب
مسرعاً إلى الكنيسة لمحاولة الطلاق ولكنه قوبل بالرفض، وعليه إثبات مرضها العقلي
إذا كانت مريضه وحين اذاَ يوجد له احتمال الانفصال ولكن ختم الأب الكاهن أن هذه
تجربة وعليه الصبر وانها الشهادة وفي السماء يعوضه الله اضعافاً . لم يتمالك نفسه
حين سب وشتم ولعن كل من اقترح عليه الزواج واتم تلك الزيجة المشؤمه.
حاول
إخراجها من شقته ولكنه لم يعرف بسبب كبر حجمها ،أما هي فقالت بصوت مرتفع اسمع جيرانه
- الشقة من حق الزوجة وانا حاضنه مش ممكن ابقي حامل
ألقت
بملابسه من النافذة وطردته شر طرده ، استأجر غرفة صغيرة في دور ارضي بمشتملات
بسيطة وسكن فيها ومن هنا قرر بدء نشاطه في وعي الشباب بمخاطر الزواج . كان
يستدرجهم من أمام محلات الموبيليا والورود والمجوهرات كان يعلي صوته بنبرة
حزينة وبنظرة ثاقبة لكل رجل بدعوة الرجوع عن ما هو مقبل عليه، البعض استجاب والبعض
الآخر ركلة وكل مكاناً كان يقف بجواره يخرج صاحبه يلقنه ضربه موجعه ولكن كان
يفرح حينها لان دعوته صارت اشد واكثر قوة وفاعلية ومن هنا قرر التوسع وكلما كان
رجل ضحية يأتيه ليشرح له ما حدث يعطيه عنوانه واتفق مع الجميع على أن
يتقابلوا اليوم .
استند
على كرسي خشبي وحرك يده اليسرى لمبة الجاز حول الحاضرين
- الستات لعنه، قادرة تهفك وتجننك وتموتك في مقابل
انها تعيش، فكرة الجواز دي فكرة رأسمالية يا ولاد وتخلينا عبيد الشغل اكتر علان يا
تهرب يا توفر فلوس. احنا عايزين نكون النواة التي من خلالها نبقي نور لكل واحد
فاكر ان الجواز راحة وفرحة. بيتي هو بيت التنظيم ومفتوح لكل راجل محتاج يسمع ويعرف
ان الجواز خطر واللي يسألكم انتوا مين قولوا احنا تنظيم عم سري ..نبدأ الجلسة
الأولى وعايز اسمع اقتراحاتكم ازاي تكبر التنظيم ونوعى أكبر فئة من الرجال
والشباب.
Commentaires
Enregistrer un commentaire