La Nouvelle القصة القصيرة (Juin)
قصة قصيرة
نصيب الحب!
بقلم : بيتر يوسف
لم ينتظرها طويلاً على غير عادة
النساء آتت في الموعد المتفق عليه ، جاءت وتحمل البهجة في وجهها مثلما تبدو
دائماً ، النور الخارج من وجهها باستطاعته منح العالم السلام الذي يفتقده ،
لم يكن يتخيل انه قد يفوز بقلبها في النهاية بعد محاولات عديدة والرفض الذي
لازمه مراراً ، أغلق قلبه بينها منذ أن رآها في المرة الأولى طرقت ووجدت لنفسها
مسلكاً بين درب قلبه وثنايا عقله ، لم يتمهل مثلما كان يفعل دائماً من
اللقاء الثاني انفرد بها قليلاً ، اخذ يشرح كثيراً ويدلو بدلوه في في مواضيع شتى
دون معنى او هدف لكي يطيل اللقاء او ربما يريد مدخلاً ليلقي قنبلته الموقوته في
وجهها ، في هذه المرة كان على استعداد لتحمل الخسارة الفورية على غير الأيام
السابقة التي كان يؤجل فيها الخسارة للنهاية ويهتم بأمور أخرى غير مكسبه ، القى
كلمته وهو ينظر ارضاً ، ساد الصمت برهة مرة عليه كالدهر نظر اليها فوجد ابتسامتها
لاتزال تعلو وجنتيها ،دب في قلبه خوف المحب لآول مرة ، استشف الرد الذي بحث عنه و
ترقبه مع كل سؤال سابق وجاء بالرفض او بالانسحاب او بالتجاهل ، ايقن ان على قلبه
ان يصدأ ولا يتركه ينبض من جديد ولكنها أزالت الصدأ وبرأ قلبه على وجهها ، بدا
الطريق ممهداً لعلاقة ناجحة على كل المقاييس لكن آتاه ذلك الغريب الذي ينقض على كل
ذكر حين يبدأ الانجذاب ،تبدأ تقرع طبول الحرب في مخيلته ،تظهر الانثي كأن لها
فرسان أشداء يحاربون من أجلها ، كيف يظفر بها وكيف تحبه ؟ يوجد من هم غريبو
الأطوار ينتصرون في كل حرب ، رغم الجهد المبذول للظفر بقلبها رغم أنها في مخيلة
إلا أن الحرب حقيقية ومرار الهزيمة لازال في حلقه ،لكنها امسكت بيده وطمأنته انها
تريده ولا تريد سواه ، قالت له في كثير من الاحيان انها كانت تنتظره مثلما كان هو
عليه ان ينتظرها ، قلبها حدثها انه المنتظر وهي كانت تنتظر صوت قلبها ، ذلك
الارتياح الذي يشعرنا بالأمان نحو ما هو قادم ، يعتبره البعض إشارة هامة
ودلالة واضحة على استكمال المسيرة .
رحب بيها بابتسامته المنطلقة ، جالسا في
مقابل بعضهما البعض وظل ينظر اليها واطال النظر حتى هي احمرت خجلاً داعبها قائلاً
: هو في كده !! . ثم أضاف
: انا ربنا كرمني بكي اخر كرم ،
فضلت اسأل نفسي هو انا محدش بيعبرني ليه اتاري ربنا شايلي نعمة كبيرة وبحمد
ربنا كتير اني معافرتش في سكة مش بتاعتي علشان اقابلك .
: تخيل بقي لو كنت سافرت مكناش
اتقابلنا .
: يبقى مكنتش هتبقي من نصيبي .
: مش ممكن يكون مكتبلنا نتقابل في السفر
!!
اومأ رأسه بالرفض ثم تابع
: استحالة !! انا ربنا حوطني بصحاب
جدعان ، كل واحد فيهم عكاز لوحده استند عليه ، اسيب دول واسافر واقول يا غربتي يا
وحدتي !! ده انا بدعى ان ربنا ميورنيش فيهم اي حاجة وحشة .
اعتدلت في جلستها ثم تبدلت ملامحها
: طب وانا .. انا عايزة اسافر
: نسافر .. هنسافر نتفسح ، ننبسط ،
لكن هجرة .. انا مقدرش على وجع قلبها .
: ما انا معاك !
: ايوه وانتي كفاية ، بس فيه ناس ليها
نصيب من الحب اللى جوايا ليهم ، انا طماع وبحب الناس كلها حواليا .
: لكن هنا مش هينفع نربي عيالنا ولا
هيبقوا في احسن حال
: هنا يتربوا على الكفاية اللي تغنيهم
ويبقوا شبعانين زي ما اتربينا .
: ايوه .. بس انا عايزة اسافر.
تغيرت ملامحه ، انصب الحزن عليه كمن يتاجر
وللتو عرف بنبأ خسارة تجارته وصوت ممتلئ آسى
: يبقي طريقنا مش واحد للأسف .
: ليه ... ليه مستكتر على نفسك تحب نفسك .
: وبعد ما احب نفسي ، نفسي دي اللي
متشعلقة بين صحابي وابويا وامي وكل اللي بحبهم ، اسبهم واسيب الحب ده علشان
عيشة ..امان .. هناك في قرف ومرمطة وهنا فيه قرف ومرمطة بس اللي هنا يكلبش فيها
اكتر . انا من كتر ما بحبهم عايز اموت أولهم علشان مش عارف يوم ما يجرى لحد فيهم
حاجة انا هيحصلي ايه !!
: وتسبني .
: انا مسبتكيش ... انتي من حقك تسافري
وتختاري حياتك ..ايوة انتي الوحيدة اللي عبرتيني وحسستني اني بني ادم يتحب ، بس مش
اختياري ، قلبي فيه من الحبايب كتير ، ويوم ما اسافر هكون قلبي ده ميت ومش هتلاقيه
اللي قابلتيه .
رغماً ان هذه المحادثة كانت الاخيرة
بينهما إلا أن كل منهما ينتظر الآخر للعودة عن قراره .
Commentaires
Enregistrer un commentaire