Article المقال ( Avril )



 


مقال    

إلى إبنتي المستقبلية #21

SEASON 2: رسائل للتفكير

  

بقلم : مريم بولس

 


 

مرحباً عزيزتي الصغيرة، و الصغيرة جداً في وجهة نظري لتجابهي مثل هذه الدنيا، و لكني لا أملك أكثر من الثقة بكِ. إليك الموضوع الثاني الذي أردت مشاركتك التفكير فيه، و أن أطلب منك إن توصلتِ لمعادلة مريحة في ذلك الموضوع ألا تبخلي بها على ماما.

 

وقت الحكاية! كنت أتذكر مؤخراً تلك الفتاة من الصف الرابع الإبتدائي. كانت فتاة جميلة جداً جداً، شديدة الذكاء و الأدب، خطها جميل و منظم، ترسم ببراعة و تتحرك بجمال. كان شعرها ناعم و طويل جداً، حتى عندما تربطه في المدرسة، و كانت رياضية و ذات جسد رشيق، و كانت تحظى باهتمام مبالغ فيه من الجميع. و رغم أنها لم تكن معي في المدرسة إلا تلك السنة فقط، إلا أنها تمكنت من أن تجعلها جحيماً عليَّ! فرغم اعجاب الجميع بها، إلا أنها لم تكن بتلك البرائة التي يرونها فيها، أو على الأقل ما رأيته أنا لم يكن يمت للبراءة بصلة. فقد بدأت بأن أصبحت الأولى في المدرسة رغم أني كنت دائماً الأولى، ثم جذبت إليها أصدقائي واحد فالآخر حتى تُركت وحيدة تماماً في المدرسة. ثم أخذت تتكلم عني بسوء كذباً حتى يكرهني كل من لدي بصيص من الأمل أن أصاحبه. تركت بصمتها في كل شيء حولي، كل لوح الفصل كانت بخطها، كل المدرسين يعظمونها، كل أصدقائي يلتفون حولها، و كل ما يدور بذهني أفكار عنها هي ! و رغم كل محاولاتي أن أصبح أفضل أو أن أسترجع أصحابي إلا أني لم أنجح. و نتيجةً لذلك، آلفت الوِحدة، و تعلمت السكوت عن الظلم، و ضبطت نفسي عن أن أقول ما أشعر به. و تعلمت درساً من أوائل دروس حياتي في تلك الفترة. أتعرفين ما هو ؟

 

تعلمت أن الحياة ليست عادلة! دائماً و أبداً ليست عادلة. فما العدل في محاولاتي المضنية لأسترجع صداقاتي التي كونتها بصعوبة في ذلك السن، أمام سهولة أخذها لهم بسحرها الذي لم أولد به !؟ و ما العدل أن بعض الناس قد وُلدوا بشكل مُعيَّن لا يُعجب الناس، و البعض الآخر بشكل أفضل من وجهة نظرهم؟! و ما العدل في كون بعض الناس منطويين و وحيدين، و البعض الآخر سهل عليهم تكوين الصداقات ؟!

 

بل بالأكثر ما العدل في أن يموت الأب المحبوب مبكراً جداً، و يعيش المُتعب القاسي أكثر من اللازم؟ ما العدل أن تحزن الفتاة الملونة المرحة، و ما العدل في أن تُخان أكثر من تُحب؟ ما العدل أن يأخذ البعض مرادهم بلا تعب و لا إرادة، و البعض الآخر يهان و يذل لنُبله و عفته !؟

 

ما سأعلمك إياه غالباً هو أن لكل منا كأس ملآنة، و يأخذ كل إنسان حقه كاملاً في الدنيا و إن نقصت كفتك قليلاً في شيء ما يُملأ بآخر؛ و لكن هل أدرك ذلك تماماً ... لا ... ليس في الوقت الحالي على الأقل. الله أعلم، ربما أرى ذلك في يوم ما... و لكني أحمي نفسي دائماً من الحزن بقولي " الحياة ليست عادلة " !

 

ليكون طريقك محظوطاً يا صغيرتي ...


Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

Article المقال ( Septembre )

Article المقال ( Octobre )

Article المقال ( Septembre )