Article المقال ( Mars )
إلى إبنتي المستقبلية #٢٠
SEASON 2: رسائل للتفكير
بقلم : مريم بولس
مرحباً
عزيزتي ! لن تدركي كيف إفتقدتك في ذلك الوقت الذي لم أستطع أن أكتب لكِ فيه. إن كنت
تقرأين هذه الرسالة، فأنت لم تعودي طفلة صغيرة، بل شخص كبير ناضج أود أن أوجه لها بعض
الأسئلة. ربما أعلم إجابات تلك الأسئلة.. و ربما لا أعلمها الآن و لكني سأعلمها على
الوقت الذي تقرأين فيه هذه الرسالة. فهدفي ليس أن تحصلي على أجوبة، بقدر أن تعملي عقلك
و تعطيه فرصة في التدخل في حياتك و جعلها أفضل.
ربما
اليوم يا صغيرتي سأجعلك تفكرين كثيراً، ربما تتشتتين قليلاً و أنت تطبقين ما سأقول
على من حولك. لقد مررت بظروف غريبة عليَّ مؤخراً يا صغيرتي، جعلتني أذعر أولاً، ثم
أحاول تشتيت نفسي و تهدئتها، ثم جعلتني أفكر و أحلل ما حدث. و أدركت حينئذ أشياء عن
من حولي، و عن من أعرف و من لم أهتم أن أعرف، أشياء جعلتني أراجع حساباتي و ربما أغير
وجهة نظري في الكثير من المسائل الإجتماعية، فتغيير وجهة نظرك أو الإعتراف أنك كنتِ
على خطأ سابقاً يا صغيرتي ليس عيباً على الإطلاق بل هو من الذكاء و الشجاعة حتى.
سابقاً، كنت أخال كثيرين مِن مَن حولي أنهم مخلصون
و حقيقيون لمجرد وجودهم حولي. ربما لأنهم كانوا يعرفوني حق المعرفة، و لأنهم يظهرون
الظرافة و اللطافة وقت الإحتياج، و لأنهم يغرقونني باللفتات و الكلمات و القلوب الحمراء
الكثيرة بدون داعٍ أو سبب. و في نفس الوقت، و تحت شعار "البعيد عن العين بعيد
عن القلب"، لم أكن أهتم كثيراً لمن هم ليسوا حولي معظم الوقت، و لم أكن أتوقع
منهم الكثير كذلك.
على
أي حال، و غالباً كما تتوقعين، إكتشفت العكس. إكتشفت من كانوا يحيطونني في أيامي الجميلة
و من كانوا يملأونني بكلمات التشجيع و الحب، أنهم لا يهتمون لأمري بمقدار ذرة. بل بالعكس،
فقد إكتشفت أنهم كانوا أفضل من يقدم التشجيع لأنهم يرون مميزاتي واضحة أمامهم، لا ليحبوني،
بل ليكرهوني بسببها. فإذ بنواحي القوة القليلة جداً فيَّ، تؤرقهم و تثير غضبهم أكثر
من ما كنت أتخيل. و على الكفة الأخرى، إذ بي أكتشف أنني كنت آتِ بإبتسامة في ذاكرة
أحدهم، و كنت أذكر يومياً في صلاة الآخر، و كنت مهمة جداً لشخص آخر حتى ينسى كل الكبرياء
ليكون معي!
لن
أنهي هذه الرسالة بعظة أو دروس مستفادة كما كنت أفعل في مجموعة الرسائل الأولى يا صغيرتي،
و بالتأكيد لن أنصحك أن تبحثي عن من هم حقيقيون لأنني الآن لا أظن أن هذا ممكن كثيراً.
كل ما سأقوله ختاماً يا صغيرتي هو هذا: إحذري من بني آدم، خافي قليلاً -ليس كثيراً-
مِن الإقتراب، أو لا تحزني من ما سترينهم يفعلون بكِ.
دمت
في حماية الملائكة ...
Commentaires
Enregistrer un commentaire