La Nouvelle القصة ( Janvier )
قصة قصيرة
ليلة عيد
دخل أمجد متفائلاً هذا العام إلى مكتب اخيه الاكبر أمير صاحب شركة لانتاج الشيكولاته ليحدثه عن متطلبات العيد للمحتاجين والفقراء كما كان يفعلاً سوياً فى الماضى نظراً لحلول العيد، ولكن قاطعه أمير بوجه العابس متحججاً بخسائر هذا العام المشؤوم وانه لم يكسب سوى بعض القروش البسيطة التى لا تساوى شىء فى هذا الزمن، ونتيجة لذلك اضطرأمجد ان يستغنى عن نصف العاملين بهذه الشركة حتى تبقى معه هذا السكرتير البائس الذى يطلب اجازة للاحتفال بهذا العام وكأنه سيصبح افضل من سابقه؟!
فطلب أمجد منه ان يحضر العيد معه كأسرة واحدة، ولكنه لم يرضٍ كعادته، وخرج أمجد حزيناً كالعادة على أخيه الذى خذله للمرة العاشرة للاحتفال سوياً وظل يفكر ماذا حدث له ليصبح بتلك القسوة والعبوس الدائم حتى مع أقرب الناس إليه، هل موت شريكه فريد أثر عليه لهذه الدرجة؟!
ولكننى سوف احتفل كعادتى مع اسرتى وادعو الله ان يحنن قلبه كما كان من قبل.
ثم نظر أمير إلى سكرتيره ووبخه إيضا بأسلوب متعجرف قائلاً لنرى ماذا سوف تعطيك هذه السنة الجديدة من مفاجأت جديدة هذه السنة؟!
اذهب الآن ولكن فى حالة تأخرك غداً سوف اخصم من راتبك الضعف.
انتهى دوام اليوم ولكن ظل أمير بمكتبه الخاص يعمل طول الليل دون ملل إلا ان بدأ يشعر بالتعب فقام وأتجه إلى قصره الكبير الذى يشبه مقابر الوت لا حس ولاخبر به، وبينما يضع أمير المفتاح فى الباب يشعر بأنفاس غريبة تقترب منه لينظر خلفه فجأة ولكنه لم يرى شىء، فحاول مرة أخرى يفتح الباب مرتبكاً ولكنه شعر بتلك الانفاس كأنها تقف خلفه مباشرة واذ به ينظر خلفه ببطىء مرتجفاً حتى دُفع بقوة كبيرة إلى الداخل واُغلق الباب عليه.
بدأ أمير يصرخ طالباً النجدة ولكن فمه يتحرك دون صدور اى صوت يبدو ان احباله الصوتيه قد توقفت عن عزف الكلامات من شدة الخوف، واذ به يرى بقعة ضوئية صغيرة تقفز امامه يميناً ويساراً لا يستطيع ان يحدد موضعها إلى ان استقرت على الحائط فوق رأسه واخذت تزداد فى الحجم، ف أغمت عينيه ووضع ايديه على اذنيه لكى لا يرى او يسمع شىء ولكنه شعر بذات النفس الذى كان يقف خلفه خارجاً وهو الآن يقف أمامه مباشرة فبدأ يفتح عينه ببطىء فرأى وجه صديقه فريد ملتهباً بالنيران وباقى جسمه النارى مكبل بالسلاسل وروحه هائجة فى المكان مع ارواح نارية أخرى تصرخ بكل مكان، فرفع امير ايده من على اذنيه ببطىء حتى هدأت اصوات العويل، فأخبره فريد أن روحه معذبة لما كان يفعله بحياته من تجميع الاموال فى المخازن لديه وبخله فى العطاء ومساعدة المحتاجين الذين كأن يسالونه، فوجب عليه نصيحة شريكه حتى لا يلقى مصيره واخبره انه سوف يرسل له ثلاثة ملائكة تكون معه لتعرفه بكل ما يجب ان يفعل واختفى فريد ومن معه واصبح المكان معتماَ مرة اخرى.
حاول امير ان يتمالك نفسه من هول الموقف معتقداً انه حلم ووقف مستنداً على كرسى وتحرك متجهاً لغرفة نومه واذ به يجد بقعة ضوئية اخرى ظلت تقفز أمامه حتى استقرت على الأرض واخذت شكل انسان نارى طويل القامة له اجنحة كبيرة انه ملاك الحب فرفع اميرعلى جناحه وطار به بعيداً فى جولة عبر الزمن فشاهد أمير نفسه وهو صغيراً كيف كان يستعد الجميع للعيد من صنع الحلوى واشهى المأكولات وتنسيق الملابس وتزيين الاشجار حيث اعتادت عائلة أمير ان تنقسم إلى ثلاثة فرق لتوزيع هدايا العيد على الأسر المستترة (المحتاجين) فى انحاء القرية، وكيف كان يرجع أمير مع والده وهو فى غاية السعادة.
اخذ ملاك الحب أمير لموضع آخر وهو بيت روز ذات العيون الزرقاء خطيبته الاولى وهنا سقطت دموع ملاك الحب لما فعله أمير ب روز لقد تركها نتيجة حبه للمال والشهرة وتزوج من احد فتيات المدينة التى كان يمتلك والدها احدى مصانع الشيكولاته الضخمة وسرعان ما صار مديرهذا المصنع لديه نفوذ كبيرة واصبح جمع المال هو هدفه الاول.
هنا اختفى الملاك وظل أمير فى شارع مظلم لم يعلم أين هو حتى ظهرت بقعة جديدة مضيئة تقفز يميناً ويساراً فأخذت شكل انسان نارى مرة اخرى ذات جسم سمين ولها اجنحة قصيرة انها ملاك الرحمة، دارت به على احدى البيوت الفقيرة انه بيت سكرتيره وقف أمير يسمع صلاته انه كان يصلى من اجل مديره لكى يحنن الله قلبه على الجميع وتعود البسمة على شفتيه من جديد ويصنع الخير كما كانت عائلته تفعل ذلك سابقاً.
ثم دارت به ملاك الرحمة إلى منزل أخيه فوجده إيضا يصلى من أجله ويريد لو يجتمع أمير مع عائلته مرة اخرى ليحتفل بالعيد سوياً ويقيماً أعمال الخير التى توقفت منذ عشرات السنوات.
ثم دارت ملاك الرحمة على بعض الاسر المستترة التى تنتظر مستلزمات العيد فسمع فتاة صغيرة تصلى طالبة أن يٌشفى الله اخيها الصغير لانهم ليس لديهم ما يكفى من المال لمعالجته، وسمع احدى الشباب -الذى تم الاستغناء عن خدمته فى مصنع أمير- يصلى لله ان يتحنن عليه ويجد عملاً يعول به اسرته كما كان يفعل سابقاً، وهنا تذكر امير ما قاله صباحاً على ها العام الشؤم وما فعله نتيجة جشعه فبكى ملاك الرحمة وتركه بمكان مظلم واختفى، ظل أمير يبكى على سوء تصرفاته وحبه للمال وقرر ان يصلح كل ماضيه وبينما هو يفكر وجد امامه سورعالى عليه بقعة ضوئية كبيرة لا يعلم مصدرها يتمشى عليها ظل جسم صغير الحجم إلى ان تحول لظل شبح كبير بارز العظام وهو ملاك الموت – لم يتعرف أمير عليه بعد- مشاوراَ على مكان اكثر ظلاماً، فمشى أمير مرتجفاً للمكان المشار إليه ووجد نفسه أمام مقبرة موضوع عليها حجر كبير مد أمير يده ومسح رأس الحجر فوجد اسمه مكتوب عليها فشهق بعلو صوته وكأن صعقة كهربائية دبت فى جسده واكمل مسح باقى الحجر فوجد تاريخ ميلاده وإيضا تاريخ وفاته ... انه اليوم أخر يوم بالسنة.
صرخ أمير متوسلاً لملاك الموت ان لا يأخذ روحه الآن إلى ان يصلح ما اخطأ به، ولكن انفتحت فجأة حفرة خلفه واذا بأحدى اصابع ملاك الموت يقذفه بداخلها حتى سقط داخل تابوت واٌغلق الباب حتى لفظ أمير انفاسه الاخيرة وغاب عن الوعى، وفجأة انفتح باب التابوت من الجهة الاخرى ليسقط أمير بداخل حفرة اوسع فأوسع حتى وقع على سريره بمنزله.
فاق أمير مع شروق الشمس غير مصدق ما حدث ليلة أمس ولكنه يعلم حقيقة واحدة الآن، وطل أمير من شرفته فوجد صبى صغير يسأل صدقة فنزل أمير مسرعاً واعطى الطفل كل ما يملكه، وخرج أمير احتفل مع الجميع فى الشارع حتى اعتقد الناس انه مصاب بالهوس العقلى نظراً لخسائره هذا العام.
وذهب أمير إلى مكتبه منتظر سكرتيره الذى اعتاد التأخر حوالى 20 دقيقة فى مثل هذا اليوم، استقبله بالترحاب والبشاشة واوصى بزيادة راتبه وارجاع جميع الموظفين للعمل لديه ليحتفل الجميع بالعيد، ثم خرج مسرعاً لمنزل أخيه وطلب منه ان يجهز قائمة بأسماء الاسر المستتر - من ضمنها أسرة الفتاة التى كانت تصلى لله حتى تتم معالجة اخوها- وقام بتوزيع متطلبات العيد بنفسه هذا العام ولم ينام أمير حتى رسم الفرحة على وجه الجميع وأصبح مصنع أمير من أكبر المصانع فى العالم التى تقوم بتوزع الشيكولاته مجاناً فى ذكرى هذا اليوم، ولم يكتفى أمير بذلك بل حول قصره لمستشفى كبيرة لمراعاة الاسر المستترة، ووهب ماله لتلك المستشفى فأصبح الاب الروحى لصنع الخير فى بلده، بل كان يجول يصنع خيراً مع الجميع.
Commentaires
Enregistrer un commentaire