Article المقال ( Novembre )



 

   المقال



روح إفريقية

  

بقلم : مارلين ماهر

 

 

كانت هذه الليلة الرمضانية الأولى لهذا العام ... 

 

ربما أفضل ما عاهدته خلال الثلاث سنوات الأخيرة فى حياتى هى الليال الرمضانية بسكن المغتربات بحى جاردن سيتى بالقاهرة ..

أنتظر  هذا الشهر من كل عام ؛ لنلتف جميعا حول المائدة ساعة الإفطار ، تجمعنا أحاديث واحدة وطعام واحد .. ويجمعنا  سكن أصبح وطناً بعد غربة .. ! 

وتمر الساعات أترك المكان الأخير بمعدتى فارغاً حتى تأتى ساعة السحور .. ربما ليس سحوراً عظيماً .. ولكن ما هى العظمة فى حضرة المشاركة ؟ .. 

المشاركة فى رغيف تتقاسمه الأسكندرية والغردقة ودمياط والسعودية معا .. 

وكان اليوم هو أول الليالى الرمضانية لهذا العام ، تتسارع أقدامنا نزولاً على السلم أو بواسطة المصعد لتستقبل بطوننا الجائعة الطعام أفضل استقبال .. 

وكانت هى هناك .. تتنقل بحركتها الشديدة المميزة -التى اشتهرت بها- بين المطبخ وصالة الطعام ، تحمل فى يديها زجاجة عصير غريب اللون ( أعددته بنفسها (

كانت تحمل فى بشرتها النصف الأخر من الجمال " السمار " ، متوسطة القامة ، ذات الملامح الحية والروح العفوية .

انضمت إلى وطننا الصغير هذا العام .. لتلتحق بكلية " العلاج الطبيعى " بالقاهرة .. ولا أعرف سوى اسمها " يمنى " من جنوب أفريقيا .. لم تسنح لى الفرصة بمعرفة شىء آخر .. حتى رأيتها هذا اليوم .. 

أرادت أن تترك للجميع إحدى بصمات ابداعاتها فقبل ساعة الإفطار قامت بإعداد مشروب طازج غريب ، مزيد من الليمون والنعناع والمشروبات الغازية .. كانت تتحرك برشاقة وخفة ويعلو وجهها ابتسامة رقيقة .. عرفنا بعدها أنه من أشهر المشروبات المميزة فى إفريقية .. 

ولأنها لا تتحدث العربية ، لم يستطع أغلبنا الثناء ..  وربما أكوابنا الفارغة أثنت بدلا عنا.. وانتهى الإفطار وعاد كل منا إلى غرفته .. 

قادنى فضولى لأعرف من هى ؟ .. وعرفت من احدى الفتيات انها تحمل جذور هندية وإفريقية .. تعيش الحياة من أجل الحياة نفسها .. درست سلفاً الطبخ ، سافرت أورشليم وتركيا وغيرها .. وقررت الالتحاق بالعلاج الطبيعى هذا العام .. وهى متفوقة جدا فى دراساتها وتتطلع كل يوم إلى المزيد

أدركت من الحديث عنها أننا بحاجة ولو لفترة واحدة فى حياتنا أن نعيش من أجل انفسنا .. دون أن نتهم بالأنانية أو نتقيد بحتمية الارتباط .. كما أننا بحاجة للخروج عن السياق الروتينى الذى نحياه تحت شعار " سنة الحياة " أو على الأقل الوقوف عنده ولو لمرة لنتسائل " لماذا ندرس وإلى أين سنصل بالعمل ولماذا نرتبط

نحن بحاجة لندرك أننا نستحق أن نعيش الحياة لأنفسنا .. وأن الحياة يمكن لها أن تستقيم حتى وإن قضيناها بمفردنا .. ! 

 

إلى صاحبة الروح الافريقية التى تحمل فى طياتها معنى الحياة

 


Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

Article المقال ( Septembre )

Article المقال ( Octobre )

Article المقال ( Septembre )