Article المقال ( Novembre

 




Ñ  رائد موسيقى الروك العربي الأصل Ò





بقلم : أ.د. عصام الدين عارف فتوح

أستاذ الأدب الإنجليزي المتفرغ

قسم اللغة الإنجليزية وآدابها

كلية الآداب - جامعة الإسكندرية





لاشك أن موسيقى الروك أند رول تعتبر اليوم من أحب الفنون في العالم، وتجتذب ملايين من الشباب من سن المراهقة إلى العشرينيات، وقد أصبح نجوم من أمثال مايكل جاكسون وجاستن بيبر ومادونا وجينيفر لوبيز يمثلون جيلاً من الشباب الثائر، الذي تغنى بهذا اللون الموسيقي باعتماده على سرعة الإيقاع، والموسيقى الراقصة، والأداء الفني المبهر، بأضوائه المتلألئة، وتقنيات الصوت الاستريو، التي تكاد تصم الآذان.






بدأت موسيقى الروك في الظهور في الولايات المتحدة الأمريكية، متأثرة بموسيقى البلوز ذات الجذور الأفريقية. إلا أن الظهور الرسمي لموسيقى الروك قد بدأ بأغنية "روك أراوند ذا كلوك" للفنان بيل هيلي وفرقته The Comets، في فيلم شهير بعنوان The Blackboard Jungle، أي "سبورة الأدغال السوداء".






وفي عام 1956، انتقلت موسيقى الروك إلى العالمية بسطوع نجم المطرب والممثل الشهير إلفيس بريسلي، الذي انتشرت أغانيه الشعبية الشهيرة في شتى أنحاء العالم عن طريق هوليوود، والتي استغلت امكانياته الفنية في أكثر من 30 فيلماً، حققت أعلى الأرباح، وسجلت اسطواناته أعلى المبيعات في جميع أنحاء العالم.


تأثر المطرب الشاب بول أنكا، المنحدر من أصول عربية سورية، بموسيقى الشباب تلك، فأتقن آلتي البيانو والجيتار منذ الطفولة. وامتلك والد بول أنكا، السيد اندرو عنقا، مطعماً بأونتاريو – كندا، عرف باسم لوكاندا، كان وسيلة لكسب الرزق، وسرعان ما اجتذب مئات من الزبائن. وتولى أنكا مهمة تسلية الزبائن بالغناء، وتقديم الأغنيات المختلفة، للمطربين من أمثال فرانك سيناترا والفيس بريسلي.




رأى بول أنكا أن أمله في تحقيق الشهرة قد لا يتحقق إلا بزيارة للولايات المتحدة. فانتهز الفنان الصغير فرصة مسابقة أقامتها شركة للأغذية المحفوظة لجمع فوارغ منتجاتها، وعمل بول أنكا خصيصاً بسوبر ماركت حتى يتمكن من تحقيق الغرض المنشود ... وقد كان. وحين قاربت مدة اقامته بأمريكا على الانتهاء، طلب من والده أن يبتاع له تذكرة إلى نيويورك التي رأى الشاب الصغير فيها الفرصة الوحيدة لتحقيق النجاح الذي كان يبتغيه.

نجح بول، الذي لم يكن عمره قد تجاوز السادسة عشر، في تحديد لقاء مع دون كوستا، المنتج الشهير والموزع لموسيقى الروك، حيث عرض عليه في عجالة مجموعة من الأغنيات التي كان قد انتهى من تأليفها وتلحينها، وجرب البعض منها في أمسياته بمطعم والده، كان أهمها أغنية "ديانا"، التي كان قد كتبها اعجاباً بجليسة أطفال اخوته الصغار، معبراً عن حب مستحيل لفتاة تكبره عمراً بعدة سنوات.






قام دون كوستا بإعادة توزيع الأغنية، وتوقيع عقد احتكار مع والد بول أنكا، حيث أن الشاب الصغير لم يكن قد بلغ السن القانونية بعد. وفوجئ عالم الروك بتلك الأغنية الأصلية، وبصوت المطرب الشاب، حتى وصلت مبيعاتها إلى ما فوق العشرة ملايين في أسابيع قليلة، تربعت خلالها على قمة مبيعات الأسطوانات في العالم.

تابع بول أنكا نجاحه الأول بمجموعة اصدارات لأغانٍ مبتكرة، أهمها "حب مجنون" Crazy Love، و"ضعي رأسك على كتفي" Put Your Head on My Shoulder، وغيرها. كما ظهر بأهم البرامج الموسيقية بالإذاعة والتلفزيون، لعل أهمها برنامج إد سوليفان، الذي كان أول من قدم إلفيس بريسلي لجمهور الولايات المتحدة، وبرنامج American Bandstand، وتعددت مرات ظهوره إلى أن أطلقت مؤسسة والت ديزني برنامجاً خاصاً أطلق عليه "برنامج بول أنكا" The Paul Anka Show.






تجاوزت شعبية بول أنكا الولايات المتحدة، التي قام بجولات موسيقية بجميع أنحائها، برفقة رواد موسيقى الروك، من أمثال جيري لي لويس، وتشاك بيري، وبادي هولي، وقد طالبه الأخير بلحن متميز شاءت الأقدار أن يكون أول وآخر أغنية تحتل المركز الأول لهذا الفنان قبل أن يصادف حادثاً مروعاً أودى بحياته في ريعان شبابه.

سافر بول أنكا إلى أوروبا واليابان في جولات موسيقية لاقت نجاحاً مبهراً، وجعلته من أشهر مطربي العالم، وحيث أن عالم الروك دائم التغير، وشهد طفرة ملحوظة بظهور ما سمي بالغزو الاوروبي، وذلك بسطوع نجم فرق مثل البيتلز والرولنج ستونز والانيمالز، فإنها قضت على شهرة الكثير من رفاق بول أنكا أمثال بات بون وبوبي رايدل وآخرين.






انتقل بول أنكا تباعاً إلى ايطاليا، وأعاد تسجيل اغنياته الإنجليزية باللغة الإيطالية، بالاضافة إلى مشاركته في مهرجانات مثل سان ريمو، ونجاحه على شاشة التلفزيون الإيطالي. كما نجح بول أنكا في اقناع المخرج العالمي داريل زانوك باستخدام الموسيقى التصويرية التي كتبها لفيلمه الشهير "أطول يوم في التاريخ" The Longest Day (1962)، والتي أصبحت من أغنيات أنكا الخالدة، وعنواناً للمارشات في العروض العسكرية. واكتفى بول أنكا خلال تلك الفترة بكتابة أغانٍ لمطربين صاعدين وتلحينها، سرعان ما احتلوا المراكز الأولى في سباق الأغاني في بلدانهم المختلفة، من أمثال توم جونز وداليدا وانجلبرت هامبردينك.

ثم عاد بول أنكا في السبعينيات إلى الأضواء بعد أن احتلت أغنيته الشهيرة Having my Baby المرتبة الأولى، والتي كتبها بمناسبة حمل زوجته آن بطفلته القادمة. وكانت هذه الأغنية ضمن ألبوم قام بتأليف أغنياته على شط بحيرة تاهو، مستلهماً الطبيعة، ومتضمناً رائعته "بابا" التي كتبها تخليداً لذكرى والده، والتي أعتبرها أنا شخصياً أجمل ما كتبه الفنان الشاعر، ويعدها الكثير من أمثالي، من عشاق فن بول أنكا، من أجمل أغانيه على الإطلاق.

 

PAPA

 

إني لأذكر ... كيف عمل بابا ليل نهار

ليقينا شر الحاجةِ، وليمدنا بما نحتاج

من غذاء وملبس

إني لأذكر جيداً، جميع كلمات بابا

لحثنا على الصلاة، وذكر الله

مساء صباح

إني لأذكر جيداً، كيف علم بابا

بمرض أمي، وأبقاه سراً

لا يشاركه إياه سواها

إني لأذكر يوم توفيت ماما

وتساءل بابا، أما كان من الأفضل

أن أرحل أنا، بدلاً منها

لحاجتنا الأكبر إلى حنانها؟

إني لأذكر رضا بابا، حين أقعده المرض

سجيناً على مقعده المتحرك

ورفضه التام أن يصعد إلى الطابق الأعلى

حيث غرف النوم

لغيابها عنها

إني لأذكر وداع بابا لنا

ومطالبته أن نسعى لتحقيق أحلامنا

حتى وإن أخذتنا إلى أقصى البلاد

وأبعدها

مشترطاً أن لا نحمل همه

فقد ارتضى بكل ما قسم الله له

 

إني لأذكر بابا

كلما دعوت لذريتي التي منحني الله إياها

متمنياً أن يذكروني بعد أن أرحل عنهم

بمشاعر الامتنان والحب

التي أكنها لبابا

 

https://www.youtube.com/watch?v=unE8E581RMc

 

واستقبل جمهور السبعينيات ألابيم المطرب المخضرم بترحاب شديد، خاصة بعد أن قام أعظم مطربي العالم فرانك سينترا بغناء رائعته My Way، التي تغنى بها أشهر مطربي العالم.

مع نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، غير المطرب كثيراً من أسلوبه في الأداء والتسجيل، وأنتج عدة ألابيم لكبار مطربي الروك بأسلوب حديث/قديم تحت عنوان When Rock Swings. وزار بول أنكا لبنان عدة مرات، فقدم عروضاً متميزة بسن الفيل وكازينو لبنان، لجمهوره العربي الذي آزره وأيد جهوده طوال رحلة حياته. واليوم، وقد تجاوز الفنان الكبير عامه الخامس والسبعين، فما زال بول أنكا مثالاً يحتذى بعد مرور خمسة عقود من احتلاله القمة لأول مرة.

My Way


الآن ... وقد اقتربت النهاية

وها أنا أواجه الستارة قبل اسدالها

للمرة الأخيرة

هاكم أصدقائي  ...  قضيتي الأساسية

عشت حياتي للثمالة، وقد سلكت دروباً شتى

بل وفوق ذلك كله

فقد سلكت طريقي كما انتويت

 

اقترفت بعض الهفوات ... لكنها أقل من أن تذكر

وأديت ما كان عليّ القيام به دون تردد أو نقصان

وقد خططت لكل خطوة بتمعنٍ

وفوق ذلك كله

فقد سلكت طريقي كما انتويت

 

نعم، كانت هناك أوقاتاً عصيبة

ولكني تجاوزتها، صامداً مرفوع الرأسِ

بل وفوق ذلك كله

فقد سلكت طريقي كما انتويت

 

نعم، لقد أحببت وضحكت وبكيت

وتذوقت حلاوة النصر

وتجرعت مرارة الهزيمة

فما الإنسان

وما الذي يمتلكه ... سوى احساسه الصادق

دون منافقة طاغ

أو مهادنة مدعي سلطة

بل صاحب كلمة حرة

ويُظهِر سجلي، أني قادر على تلقي الصفعات

شامخاً كما انتويت

 

نعم، لقد عشت حياتي كما انتويت

تماماً

 

https://www.youtube.com/watch?v=At04LJfERDA

 

سلام لمطرب فذ، من أصول عربية، جعل من حرارة المشاعر عنواناً لأجمل أغنيات الحب.








بيروت، في 4/9/2019

 



Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

Article المقال ( Septembre )

Article المقال ( Octobre )

Article المقال ( Septembre )