Article المقال ( Octobre )





d صوت من الجزائر d

أنريكو ماسياس




بقلم : أ.د. عصام الدين عارف فتوح

أستاذ الأدب الإنجليزي المتفرغ

قسم اللغة الإنجليزية وآدابها

كلية الآداب - جامعة الإسكندرية




 




لا شك أن مِن أحب المطربين الفرنسيين في الشرق الأوسط والعالم العربي على مدى نصف القرن، هو المطرب أنريكو ماسياس، الذي مازالت أغانيه تصدح من محطات موسيقية مثل نوستالجي Nostalgie بلبنان، والبرنامج الموسيقى بمصر. ولازالت أغنياته الشهيرة مثل La Femme de Mon Ami، وL’Orientale، وLes Filles de Mon Pays، وEnfants des tous Pays، تتصدر قوائم الأغنيات الأجنبية الأكثر شعبية في العالم العربي.



ولد أنريكو ماسياس لعائلة فرنسية تقيم بقسنطينة بالجزائر، وكان من الطبيعي أن يحترف أنريكو ماسياس الغناء والموسيقى منذ طفولته المبكرة، فقد كان والده يعمل عازفاً للكمان، سرعان ما ضم ولده الصغير إلى فرقته الموسيقية، لما لمسه من موهبة فطرية لدى الصغير، الذي أجاد العزف على أكثر من آلة موسيقية بجانب الغناء، كما كان مولعاً بآلة الجيتار، وتبنى أسلوباً فريداً للعزف، أصبح من الخصائص المميزة لكل أغانيه فيما بعد. وتم ترحيل أنريكو ماسياس وعائلته عام 1961 إلى فرنسا، حيث استقرت الأسرة في باريس.

وفي باريس اتخذ جاستون جريناسيا اسمه الفني الذي اشتهر به – أنريكو ماسياس. واحترف الشاب الغناء بمقاهي باريس وملاهيها الليلية، وتمت استضافته بالتلفزيون الفرنسي حيث سجل أولى أغنياته الشهيرة Adieu Mon Pays، والتي لاقت نجاحاً منقطع النظير.

https://www.youtube.com/watch?v=1hXaatUJwvI

وكان أنريكو قد ألّف هذه الأغنية على متن السفينة التي أقلته إلى فرنسا، وعكست تلك الأغنية شوق المطرب لأرض الوطن، فتغنى بالمنزل الذي نشأ فيه، وتغنى بمدينته القسنطينة، وتغنى بالحب الأول، وأصدقاء الطفولة، وذلك بألحان جمعت بين الموسيقى الشرقية والغربية، وأضاف إلى فرقته الموسيقية الطبلة والرق والعود وأحياناً آلة القانون، مما أضفى على كل أغانيه طابعاً شرقياً، فريداً من نوعه، فعُرِفَ في فرنسا بl’orientale أي الشرقي.




وانتقلت شعبية ماسياس إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1968، بعد أن قام بجولة طافت بالكثير من المدن الأمريكية، محققاً انجازاً ندر أن يفوز بمثله مطرب فرنسي بأمريكا.




وأحيا أنريكو ماسياس عدة عروض في لبنان، ألف خلالها أغنيته الشهيرة "بيروت"، كما رحب بدعوة الرئيس المصري أنور السادات للغناء بسفح الأهرامات بالجيزة. وفوجئ المطرب الفرنسي برئيس مصر يدعوه لتأدية أغنية La Femme de Mon Ami، ولكم كانت سعادته عندما انضم إليه الرئيس المصري في الغناء، الذي كان يحفظ كلمات الأغنية عن ظهر قلب. وأهدى أنريكو ماسياس أغنية لذكرى الرئيس الراحل عنوانها Un Berger Vient de Tombe.

واليوم، وبعد ستة عقود من ظهوره الأول، أصبح أنريكو ماسياس رمزاً لالتقاء الشرق بالغرب فنياً وموسيقياً في لونه الفرانكو آراب، وما أحوج عالم اليوم، الذي تسوده الصراعات وسوء الفهم بين دول العالم وحضاراته المختلفة، إلى فنانٍ ينشر قيم التسامح والمحبة والتعايش السلمي في العالم، فنان مثل أنريكو ماسياس.  

 

بيروت، 28 يناير 2020


Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

Article المقال ( Septembre )

Article المقال ( Octobre )

Article المقال ( Septembre )