Article المقال ( Octobre )
موسيقى الحزن والشبق – 6 مختارات من البلوز
بقلم : جيلان صلاح سلمان
أديبة وناقدة سينمائية و شاعرة
يُعد البلوز كلون موسيقي مرادفاً للحزن والألم؛ معاناة
الحبيب في الوحدة والأسر، الخوف والعبودية، في تكرار الجملة والارتجال والتفاعل مع
المستمع ما يميز هذا اللون الموسيقي، إضافة إلى عدم اتساع شعبيته. الجميع تغنى
بالبلوز من نينا سيمون إلى ليد زيبيلين؛ والأنماط الموسيقية لأغاني البلوز تختلف. اختلف
الكثيرون حول السبب الذي يجعل مطربي هذا اللون من الغناء يكررون الكلمات، تتكرر
العبارة مرتان أو أكثر، بحيث تكون العبارة الثانية مختلفة عن العبارة الأولى؛ ففي
الأولى ينتهي القالب الثلاثي على السلم الأصلي (التونيك) وفي العبارة الثانية
تنتهي النوتات الأربع للكورد بالعودة للتونيك. يعتمد التكرار نغمة واحدة وجملة
واحدة، يتم غناءها بنفس الطريقة ولكن بتوليفة موسيقية تختلف؛ ولهذا أكثر من سبب،
الأثر الواضح الذي تركته الترانيم المسيحية الأفروأمريكية على هذا اللون الموسيقي،
بحيث يتم تكرار الترانيم وراء الكاهن من قبل أفراد الشعب الذين يحضرون الوعظة.
هناك أيضاً من يتحدثون عن بدائية الثقافة التي نشأت منها البلوز، والتي خرجت من
عباءة العبيد الأفارقة الذين أتوا إلى العالم الجديد مكبلين بالأغلال وبالمشاعر
الفطرية الموحشة التي أخرجوها في الموسيقى، وهناك من يعتبرونها موسيقى الشيطان،
والتي باع من أجلها المطرب الأسود روحه ليصل إلى هذا اللون الموسيقي الناجح، لكن
الأكيد أن جميع الأغاني تشترك في قاسم مشترك من الحديث عن الحزن أو الشغف.
هنا، اخترنا لكم 6 أغاني بلوز مفرطة في الحزن
والشبق، تغنى بها مختلف الموسيقيين العالميين.
1. بلايند ليمون جيفرسون – بلاك سناك مون
أول مرة استمعت لهذه الأغنية كان بغناء صامويل إل جاكسون
في الفيلم الذي يحمل نفس العنوان، ويحمل روح موجة البلوز الصادرة من منطقة الدلتا
عند نهر المسيسيبي. تحمل الأغنية صبغة دينية واضحة، فالبلاك سناك مون بالنسبة
للمطرب الأصلي للأغنية بلايند ليمون جيفرسون هو العمى، بينما لصامويل إل جاكسون
كان الأمر خاص بمعاناة الشخصية التي يؤديها –وهي لرجل أفرو أمريكي متدين- مع حروبه
اليومية ضد الشيطان والخطيئة. يعمل الثعبان هنا كرمز للمخاوف أو الخطية، والطريقة
التي يغني بها جيفرسون الأغنية تختلف تماماً عن منظور جاكسون لها؛ فالأول يصرخ هلعاً
من الخوف والخطيئة، بينما الثاني يلوك الخطيئة التي يألفها ولا يخافها، وكأنما
يرفضها عن قوة وليس عن خوف.
2 . آينت نو سانشاين – بيل ويزرس
كلما رحلت غاب الضو، هكذا يغني بيل ويزرس في أغنيته
الساحرة، مع الإيقاع الثابت والتكرار للكلمات تترك الأغنية في الحلق مرارة الرحيل،
مع تغيير حدة صوته تتصاعد الانفعالات وتهبط بحسب حدة اشتياقه للمحبوبة.
3 . وايلد إيز ذا ويند – نينا سيمون
هذه الأغنية شديدة الحسية تغنت
بها الأيقونة نينا سيمون ومن بعدها كوكبة من الكوفرز التي تناولت الأغنية بأكثر من
طريقة، وإن تشابهت معظمها في النغمة الحسية العالية للأغنية، كالعادة تُدار
الأغنية بنفس الطريقة، عدد من الإعادات، الكلمات تدور في نفس فُلك الألحان، فيشعر
المستمع وكأنما تاه داخل اللحن. على الرغم من المشاعر التي تمسك بها سيمون إلا أن
الأغنية لم تُكتب خصيصاً لها، بل يعود أصلها للمطرب الأمريكي جون ماثيز كالأغنية
الرسمية لفيلم وايلد إيز ذا ويند عام 1957. توالت الكوفرز، أبرزها كوفر دافيد بوي
والذي استلهمه من حبه لسيمون وانبهاره بها كأيقونة، وكوفر جورج مايكل، وأجمل كوفر
–في نظري- من غناء كات باور، ففيها أمسكت بالحسية التي تحملها كلمات الأغنية مع
عدم الاعتماد على الإفراط في اللحن، فخرجت الأغنية ناعمة، حساسة، وإيروسية لحد
كبير، وقد يرجع هذا لتأثر باور بالألم الذي شعرته في صوت نينا سيمون بينما هي توصل
إحساس النشوة لها.
في البداية، أرجع الباحثون مغزى أغنية جونسون إلى
الأساطير التي كانت تُنسج حول عقد صفقة مع الشيطان عند تقاطع الطرق، يطلب فيها
الانسان الفاني شهرة أو مال أو تحقيق رغبة ما، مقابل بيع روحه للشيطان عند نهاية
الرحلة. وقيل أن أغنية جونسون الفلاح الأفروأمريكي البسيط، تتحدث عما فعله،
ابتهاله للرب ليغفر له تلك الخطيئة، وحسرته على عدم وجود حبيبة إلى جواره أثناء
هذه المحنة (وهي تيمة تتكرر في أغاني الدلتا بلوز). أعاد إريك كلابتون تقديم هذه
الأغنية الرائعة من خلال فريق كريم لتصبح علامة أيقونية في تاريخ الهارد روك،
والروك بلوز قام فيها كلابتون بتغيير نغمة الجيتار التي يعتمد عليها جونسون لتصبح
أكثر قرباً بعزف بي بي كينج أو ألبرت كينج، والنتيجة، رؤية مغايرة تماماً للنغمة
الحزينة المقبضة التي يغني ويعزف بهما جونسون.
5 . كرازي باوت يو بيبي – لوني بروكس
عند الاستماع لنسخة لوني بروكس من هذه الأغنية، يبدو
الولع والوله بالحبيبة على نغمات الإلكتريك بلوز شديد النعومة، على عكس نسخة تينا
تيرنر التي تصرخ فيها الحبيبة بجنون، بينما لحن الديسكو الراقص في الخلفية يجعلها
تنتشي. وبينما يكرر بروكس الكلمات مصرحاً بحيرته حول إذا ما كانت الحبيبة تفكر
فيه، تصرح تينا تيرنر بعواطفها دون الالتفات لتبعات مشاعرها.
6 .آي كانت كويت يو بيبي – ليد زيبيلين
ليس غريباً أن يتم استخدام هذه الأغنية في حلقات مسلسل أدوات
حادة بإفراط، وقد أرجع المخرج جان مارك فاليه هذا إلى دراسته الجيدة للشخصية، والأغاني التي قد تستمع إليها
بإفراط، وأوصله البحث إلى شراء حقوق
استخدام أغاني ليد زيبيلين، وأهمها، "آي كانت كويت يو بيبي"، والتي
تضمنت غيتار صولو لجيمي بيج جعلت الأغنية تتماسك بمفردها بعيداً عن النسخة الأصلية
التي غناها أوتيس راش، لتصبح هجين ما بين البلوز والكلاسيك ميتال. الأغنية بصوت
راش تميل للبلوز التقليدي، بينما زيبيلين يأخذونها على مهل، تقطيعاً للكلام وللحن
بحيث تكون صرخة الألم في البداية مدخلاً للغناء ببطء والبناء التصاعدي حتى
الانفجار في الجيتار.
Commentaires
Enregistrer un commentaire