Article المقال ( Octobre )
Ñ هاملت ... والشاشة الفضية Ñ
(1/6)
بقلم : أ.د. عصام الدين فتوح
أستاذ الأدب الإنجليزي المتفرغ
قسم اللغة الإنجليزية وآدابها
كلية الآداب - جامعة الإسكندرية
تعتبر مسرحية "هاملت" لوليام شيكسبير من أعظم
وأحب الأعمال الأدبية قاطبة. وقد ترجمت المسرحية إلى معظم لغات العالم، وكتب نقاد
الأدب عنها وفيها آلاف المقالات، وشهدت مسارح العالم تنافساً بين المخرجين وكبار
الممثلين في تقديمها لآلاف من عشاق المسرح بكل ما أوتوا من قدرة على الابتكار
وتفسير ذلك العمل الفريد.
لم يقتصر الاهتمام بمسرحية شيكسبير على أقسام الأدب
واللغات في شتى أنحاء المعمورة، بل وقد ساهمت في نشوء أفرع متخصصة من الانسانيات،
كالتحليل النفسي، حين تناولها رواد هذا العلم الناشيء، من أمثال سيجموند فرويد،
وكارل يونج، وايرنيست جونز، وآخرين، كمثال حيّ لسبر أغوار النفس البشرية، بكل
تناقضاتها، التي جعل منها شيكسبير مأساة شعرية لشاب مثاليّ، يقع فريسة لغدر عمه
وخيانة والدته، قبل أن يستفيق من حزنه العميق على قتل والده ومثله الأعلى هاملت
الوالد، ملك الدنمارك.
وتكمن عظمة الكاتب المسرحي الكبير في نجاحه، عن طريق تلك
الحبكة، البسيطة شكلاً، في إثارة أصعب وأعقد المشكلات الفلسفية الأزلية، التي
طالما أرقت الفكر الإنساني، مثل العدالة في مجتمع ظالم، وقوة الحق تجاه حق القوة،
والحب والصداقة، والخيانة والنفاق، والشك واليقين، في عمل لا يتجاوز مدة عرضه
الساعات الأربعة.
لم يكن غريباً أو مفاجئاً، إذاً، وبمجرد ظهور الفن
السابع، بإمكانياته التكنولوجية الحديثة التي تفوق إمكانيات المسرح في تنوع
المشاهد والمناظر، واستغلاله للإضاءة والألوان، وقدرته على الإمساك بتعبيرات
الوجه، وزوايا التصوير المختلفة إلخ، أن يتسابق مبدعوه في تناول أهم عمل أدبي
انتجته قريحة شيكسبير.
انتجت مسرحية "هاملت" لشاشة السينما، خلال
تاريخها المحدود نسبياً، فيما يقارب المائة عمل، وقد تدهش – عزيزي القارئ – أن
تعلم أن هاملت كبطل سينمائي يتفوق على جميع أبطال السينما التقليديين، قديماً
وحديثاً، من أمثال طرزان، وزورو، وسوبرمان، وباتمان، مروراً بجيمس بوند.
وتتناول هذه المجموعة من المقالات أهم تلك المحاولات
لإعادة خلق هاملت سينمائياً، بخلق تراث فيلمي متميز، بدأته السينما الصامتة، وما
زال يمتد حتى يومنا هذا، مستشرفاً مستقبلاً حافلاً لرسم ابعاد وأعماق جديدة لهذا
البطل المأساويّ، مستكملة مباحث سينمائية ونقدية متنوعة لا تنتهي، وضع لبناتها
الأساسية أديب متميز في أوائل القرن السابع عشر.
بيروت، في 3/10/2020
Commentaires
Enregistrer un commentaire