Méditations تأملات. ( Septembre )





    تأملات      

 


 

( شِباك الصيَّادين )



بقلم : نيرفانا نبيل



 

قد انتهي العمر

و هذا خِتام اعترافي:

لقد كان عمراً مليئًا بالسترِ و المراحم.

كثيرًا ما حفظ الله رجليّ من الذلل،

و حفظ نفسي من أن تؤخذ في شِباك الصيادين!

 

رأيت الله في حياتي،

و إذ هو يصم أذنيه عن أصداء صرخاتي،

ولا يتحنن لزمانٍ طويل.

 

و طال الزمان،

و أنا أذهب إليهِ في كل لحظةٍ،

و أبكي حطام نفسي التي ليس من يجبر حُطامها.

كانت تتعالي أصداء صرخاتي حتي أفزَعَت الطيور،

تلك التي كانت تطير و تُغَرد في سماء أحلامي.

مات الطَير، و تلاشت الأجنحة.

و بقيت أبكي، و أبكي، و أبكي

و رأيت الله، و إذ هو يصم أذنيهِ عن أصداء صرخاتي، ولا يتحنن لزمانٍ طويل.

 

و إستمر البكاء،

إلي أن أمنت في نفسي بأن نصيبي من البكاءِ أبديًا كالأفراح التي كنت أرجوها!

فيأست تمام اليأس،

و عجبًا لم أكُفَّ عن الحب رغم يأسي!

بَقَيتُ اُحِبّ الله

و لكن، بروح يائسةٍ، ضائعةٍ،

لا تعرف كيف تلفظ حروف

ا ل ر ج ا ء !

و توقفت عن طلب المراحم

و تكيَّفت علي الحياة بغير أجنحتي.

إلي أن جاء يومٍ لا أذكر له تاريخ

هو يوم بدأ منه التاريخ!

 

يوم جاء مسيحي،

بجلالٍ.. و جمالٍ.. و مجدٍ.. و بهاء.

جاء حبيبي،

و حمل معه إليّ عهداً جديدًا.

 

و إنتشلني من أفكار الضياع

و غمرني بالأفراح.

 

و تلك المراحم التي توقفت عن طلبها،

جاء، و سكبها عليّ سكيبًا.

 

و أجنحتي؟

آهٍ أعادها إليّ بقدرةٍ أعظم علي الطيران

و بعطش الظمأن إلي احتضان السماء!

و قال: هيّا !

تعالي يا نجمة يُضئ نورها قلبي،

تعالي يا نجمة خُلِقَت لتسكُنَ السماء و تُزيِّنها!

 

إخرجي، أ يا طَيريّ المحبوب

حلِّقي... و ارتَفِعي...

فأُريكِ صورةً لم تلحظي منها لزمانٍ طويل سوي الجانب الخدَّاع!

 

فلمست أجنحتي بدهشٍ لجمالهما

و حلَّقت عاليًا و بعيدًا

و من أعلي

نظرت إلي أسفل

فرأيت نفسي!

كنت أبكي، و أبكي، و أبكي........

 

و رأيت الله،

و إذ هو يصم أُذنيهِ عن أصداء صرخاتي

ولا يتحنن لزمانٍ طويل.

و لكنني رأيت أيضاً:

إن الله قد ترك الطَير بداخلي يموت

و قَصّ بالتمام أجنحتي

لِأنه قد كَمَن لِطَيري الصيادين

و بسطوا الشِباك بوسع السماء أمام أجنحتي!

فَلو كان الله لِلحظةِ تحنن كما كنت أرجوهُ، لكنت اُخِذت في شَبَك الهلاكِ !

 

نعم،

لقد كان ضيِّق الباب

و كان كَربٌ بطول الطريق

كان عمراً تملأهُ الدموع

و كان عمراً مُشبَّعًا بأصداء الصرخات

و لكنه: كان -بالحق- عمراً مليئًا بالستر و المراحم.

 

فقد حفظ الله رجليّ من الذَلل

و حفظ الله نفسي من أن تؤخَذ

في شِباك الصيَّادين !.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

Article المقال ( Septembre )

Article المقال ( Octobre )

Article المقال ( Septembre )