La Nouvelle القصة القصيرة ( Septembre )

 

قصة قصيرة    

     

6 بدون ذكر أسباب

  بقلم : بيتر يوسف  

بعد إلحاح دام أكثر من ثلاثة أشهر وافق أخير المدير على إعطاءه إجازته السنوية، لم تكن إجازة بمعنى الكلمة ولكنه تفاوض معه فدحر الأسبوع إلى يومان، استقبل الأمر بهدوء ووافق على الفور وفي قراره البحث عن عمل جديد، ورغم سنه الذي قارب على مشارف الأربعين كان يتمتع ببعض الصداقات التي تعرف احتوائه وسط أجوائهم العائلية فهو لم يمتلك أسرة مثل باقى اصدقاءه ، يتنفس ويضحك ويمرح من خلالهم اما عن الحزن فأنه لم يفارقه ولم ينساه حتى لبضع أيام.

كانت الشمس تميل وتبرد في مياهها المفضلة أما هو فكان يسير على الشاطئ يخطو خطوات تطبع اثرها على الرمال وهو يفكر عما عساه أن يفعل في العمل، يدرك أن للعمل قيمة أكثر من أنه يجلب المال فهو كينونه وملاذ يستطيع أن يهرب بالمرء بعيداً عن مسببات الألم أو بالأدق التفكير الزائد في الألم، ولكن ماذا إذ كان العمل هو اَلْمَا بحد ذاته ؟ فكر ملياً في تقديم استقالته بأوقات عدة،كلما أحس بانتهاء قابليته لاستقبال المزيد، كلما عكر صوفه ذاك المدير الغليظ مع العباد ثم يسأل نفسه ماذا بعد الاستقالة ؟! البحث مجدداً !! فهو قد مل البدايات مل كثرة النداءات وقرع الأبواب، يقف حائراً، يقف تائهاً كلما يصل إلى تلك النقطة فمن المخطئ ؟ هو أم الزمن أم الظروف أم ذلك الطائر الذي يجيد الاختباء؟ أم أنه لم يتعلم القنص بعد !!

في عمر الاربعين من يملكون شركاتهم الخاصة ، من يملك عملاً مستقراً ، من يملك مالاً ، معم اسرة واولاد واهتمامات كثيرة ، اما هو فنظر خلفه لم يجد اثراً لرجليه المغروسه في الرمال طمثتها الامواج ،في ذلك العمر هو لم يملك سوى خبرات يمتلكها شاب يافع اسدل الستار على مراهقته سريعاً ووقف على اشده يقابل تيارات الحياة ، وقف مرة اخرى ليسأل نفسه عن الحلم ؟ واجاب في تلك اللحظة إن الاحلام تحتاج ايضاً عمل !! الشغف عمل، الحب عمل ، الحياة عمل .

واجه نفسه مجداً وهو كان يهرب منها بحجة العمل؟ فقد كان يأمل أن ذاك المدير يرفض طلب الإجازة مثل كل مرة متحججاً بحجج واهية أما هو فكانت تلك حجته لاصدقاءه للهروب منهم ، كان هذا الاكتشاف عظيماً كفيلاً أن يضع مساراً صحيحاً لما بعد الإجازة ، مازال يسير على الشاطئ ولم يجد إجابة شافية قاطعه على ذلك السؤال سوى أنه أمام البحر ويجب عليه المزيد من الصبر لكي يرزق بصيد وفير ، ليجد عملاً وحباً وأسرة وصبراً آخر ليعود الشغف من جديد