Archéologie Archeology . الأثار ( Septembre )
عالمية سكان الإسكندرية القديمة
"من خلال شواهد القبور ولوحات غلق فتحات الدفن"
بقلم الدكتورة / فتحية جابر إبراهيم
تعد شواهد القبور ولوحات غلق فتحات الدفن بالإسكندرية خير دليل مادي على عالمية مدينة الإسكندرية القديمة حيث تعكس لنا تلك الشواهد الحياةالإجتماعية في المدينة القديمة التى آتى إليها الجميع من كل حدب وصوب للحياة بها سواء كأشخاص عاديين او كجنود أتوا مع الحاميات العسكرية المختلفة سواء في العصرين البطلمي أو الروماني، وبعد انتهاء خدمتهم العسكرية قرروا البقاء والحياة في تلك المدينة التى استطاعت استيعاب كل هذا الكم والزخم من الجنسيات المختلفة. وقد شجع البطالمة هذا الأمر من خلال استقدام العديد من الفنانين والادباء والعلماء وغيرهم للعمل والدراسة في موسيون الإسكندرية القديمة، واستمر الأمر في العصر الروماني بطبيعة الحال.
يمكننا أن نطلق مسمي شاهد قبر على كل ما يوضع فوق القبر Stela، لكي يشير إلى وجوده والدفن به، ولكن هناك عدد من المؤثرات التي يمكنها أن تتحكم في شكل الشاهد وزخارفه، منها التطور الفني الذي يخضع له الشاهد في هذا الوقت، مقدرة صاحب القبر المادية والاقتصادية ويتضح ذلك من درجة الفخامة أو البساطة في إقامته، وأخيراً المعتقدات الدينية وخاصة الإيمان بالبعث والحياة بعد الموت. وهو ما كان مختلفاً فيما بين الإغريق والمصريين القدماء، حيث كان الإغريق يعتقدون في الحياة الدنيا بشكل أكبر من تفكيرهم في الحياة بعد الموت التي كانت مفاهيمها تميل إلى الغموض.
على الرغم من هذا الغموض كانت لدي الإغريق إشارات سواء في الأدب أو الفن عن الحياة ما بعد الموت. وقد اهتم الإغريق بالمقابر وتنوعت عمارتها سواء كانت محفورة أو منحوتة تحت الأرض أو حتي مشيدة فوقها. وقد ارتبطت شواهد القبور بالمقابر فاتخذت في تطورها نفس مسار تطور النحت الإغريقي بوجه عام. بدأت الشواهد في القرن الثامن ق.م في هيئة إناء كبير أو لوحة حجرية، في القرن السابع ق.م أضيف اسم المتوفى على اللوحة أو شُكل الجزء العلوي منها بشكل رأس إنسان.
شواهد القبور الاتيكية في العصرين الأرخي والكلاسيكي
لقد لعبت الشواهد الأتيكية دوراً كبيراً في تطور النحت البارز في بلاد اليونان ومرت بنفس مراحل التطور التي ميزت أنواع النحت الأخري وازدهرت صناعتها كثيراً في عهد بيسستراتوس Peisistratos وفي أثناء حكم أولاده، إلا أنه تدريجياً ومع نهاية القرن السادس ق.م واضطراب الأحوال الاقتصادية أصدر كليثسنيس Cleisthenes أمراً في حوالي 509 ق.م بوقف إنتاج شواهد القبور، ربما نتيجة للحروب البلوبونيسية، إلا أنه مع منتصف القرن الخامس ق.م ومع الانتعاش الاقتصادي الذي شهده المجتمع الأثيني، وربما بسبب حلف ديلوس والانتصار على الفرس، انتعشت صناعة شواهد القبور لتُعبر عن مدي الرفاهية التي أصبحت تعيش فيها أثينا، إلا أن هذا الانتعاش انحسر مرة أخري بسبب قرار ديميتريوس الفاليري Demetrius of Phaleron في 317ق.م بوقف إنتاج شواهد القبور وربما بسبب هذا القرار نفي ديمتريوس إلى البلاط البطلمي في مصر، حيث أصبح أميناً لمكتبة الإسكندرية القديمة.
تعددت موضوعات شواهد القبور السكندرية المنحوتة والمرسومة بشكل ملحوظ وهي كلها موضوعات ذات طراز وأصل أتيكي لكن مع الاختلاف سواء في الخصائص الفنية المستخدمة أو في بعض العناصر المحلية التي تميز بها النحت السكندري على وجه الخصوص بالإضافة إلى ظهور العديد من العناصر المصرية.
وقد امدتنا النقوش التي كتبت على تلك الشواهد واللوحات بأسماء وجنسيات الأشخاص المتوفيين المصورين عليها بالإضافة إلى عناصر اخرى فنية تمكننا من التعرف على جنسية الشخص المصور على الشاهد أو اللوحة. كتبت تلك النقوش باليونانية في الأغلب لأنها كانت اللغة الرسمية لمدينة الإسكندرية منذ تأسيسها كمدينة يونانية، ولمصر عموماً واستمرارها كلغة رسمية تحت حكم الرومان، أما النقوش المكتوبة باللاتينية فلابد أنها كانت تخص فئات من الرومان ولا سيما الجنود على شواهد قبورهم سواء إذا كان المشهد مرسوماً بالألوان على اللوحة او منحوتاً.
توضح النقوش اليونانية المتنوعة على الشواهد واللوحات، ظهور أشخاص من جنسيات مختلفة منها أشخاص ينتمون إلى جزيرة كوس، مليتوس، بسيدا، سلاميس وطروادة.
بعض المتوفين بجبانة الحضرة على وجه الخصوص كانوا من أصول عرقية من مناطق مختلفة من أسيا الصغرى من بسيدا، مليتوس، بالإضافة إلى اليونانيين من كوس وسلاميس كذلك. الجنسيات التي ظهرت في بعض النقوش اللاتينية على الشواهد السكندرية لا توضح تعدد في الجنسيات مثل الشواهد التي عليها نقوش يونانية، فقد ذكرت مدينة صور، كيلكيا، مقدونيا، سوريا. تركزت بعض النقوش التي تذكر الجنود الرومان في منطقة مقابر سيدي جابر مما يدل على وجود حامية عسكرية رومانية كانت تقيم في هذا الجزء من المدينة.
شاهد قبر لسيدة وطفل من كيلكيا
بقايا شاهد قبر لطفل من سلاميس
شاهد قبر لجندي روماني من سوريا
شاهد قبر مرسوم لايذيدورا من قورينائية
شاهد قبر مرسوم لجندي من بلاد الغال
شاهد قبر لجندي من مقدونيا
لوحة غلق فتحة دفن لشخص من أسبندوس بأسيا الصغرى

Commentaires
Enregistrer un commentaire