Roman Novel الرواية ( Août )

 


الرواية      



عيشها سادة 




 قىبقلم : مارينا ألفونس شو




Chapter 9



أستيقظت من النوم ... كان قلبى مقبوض ..لا أعرف السبب و لكننى كنت متأكدة إن شىء سىء سيحدث... حاولت أن أجعل هذه الفكرة ترحل و لكنها سيطرت على. دخلت إلى الحمام لأتحمم و أستريح من هذا الشعور و لكن بلا فائدة ... قررت أن أخرج لأشم بعض الهواء فى محاولة منى انا اطرد هذه الفكرة من رأسى... لبست بنطلون جينز و عليه تيشيرت لونها أخضر و ربط شعرى ذيل حصان و لم أضع أى شىء يزين وجهى... لم أكن أشتهى أى شىء إلا القهوة فقررت أن أشترى قهوة من مكانى المفضل الذى يبعد عن بيتى بشارعين. نزلت إلى الشارع و أخذت نفسا عميقا... وضعت السماعات بأذناى و شغلت موسيقى هادئة لهانز زيمر و عليت الموسيقى إلى أقصاها ... دخلت إلى المحل و أشتريت الموكا ثم خرجت و جلست على كرسى بين الحدائق الموجودة فى هذا المكان و أغمضت عينى لأسبح مع الموسيقى فى عالمها الخاص... و لكن شعورى لم يخيب أبدا .. و كأن القدر يساعده ليحزننى... سمعت صوت إصطدام عالى حتى إنه أعلى من الموسيقى التى شغلتها... صوت دخل إلى أعماق ذاكرتى ليرجع بى إلى ذلك اليوم المشؤم و ليذكرنى بكل تفصيلة حدثت لى ... ليفكرنى بكم الوجع الذى عانيت منه ...ليذكرنى بتلك الحفرة التى وقعت بها من الصدمة ... سيارة كانت تجرى مسرعة و لم تلاحظ السيارة التى خارجة من الشارع لتصتضم بها و تنقلب السيارة ليموت كل من فى السيارتين. حاولت أن أهدىء نفسى و لكننى لم أقدر و تذكرت ما حدث لى بعد أن أبلغنى هذا الرجل فى التيليفون عن موت أهلى ... لم أقدر أن أمسك أعصابى فى ذلك الوقت ...كل شىء بيدى وقع منى لا إراديا ... لأقع أنا ورائهم و أنا لا أشعر بروحى ... ثم أسيقظ لأجد نفسى فى المستشفى بين أجهزة كثيرة ...كنت قادرة على أن أفتح عيناى و أنا فى كامل وعى لفهم ما يجرى حولى و لكننى لست قادرة على أى شىء... لست قادرة أن أتكلم ... لست قادرة أن أحرك أى جزء من جسدى ... لست قادرة  ... و كأن عقلى إعتبرنى قد توفيت فلم يستقبل أى إشارة من جسدى... كنت جالسة أنظر لمكان واحد فقط و عيناى لم تتحرك... جاء يوسف إلى فى المستشفى ليجدنى فى هذه الحالة ... حاول أن يتكلم معى و لكن بلا جدوى ... حاول أن يمسك بيداى و لكننى لم أكن أشعر بأى شىء... فقط يمكننى أن أسمع ... حتى إننى شكيت إننى لن أرى بعد الآن ... و وسط محاوالات يوسف لإقاظ عقلى جاء الدكتور ليفهمه حالتى...

هى مالها يا دكتور مبتتكلمش ليه ولا بتحرك عينيها ولا جسمها ؟ ده كإنها ميتة ! 

تالا بقالها إسبوع عمالة تدخل فى أمراض مختلفة يا ... 

يوسف .. أنا يوسف خطيبها 

اه أهلا وسهلا ... بص تالا جاتلنا بأزمة فى القلب بسبب الصدمة العصبية اللى جاتلها و هى أصلا عندها مشاكل فى القلب بس طبعا و الحمد الله عرفنا ننقذها و لكن الصدمة العصبية ما رحتش و فضلت متواصلة يومين لحد ما دخلتها فحالة نفسية إسمها الكتاتونيا معرفش تسمع عنها ولا لأ بس بإختصار شديد العقل من كثر الصدمة العصبية بيرجع لأكثر ذاكرة كانت فرحانة و مبسوطة فيها و بينسى الحاضر و بيفضل عايش فيها فبالتالى هى شبه ميتة و لكن عقلها شغال و قلبها لسة بينبض... إحنا أملنا إنها تفوق بعد شهر  ... إحنا جبنالها أكبر دكتور نفسى عندنا ... عمرنا ما ننسى باباها سعيد مختار الله يرحمه إزاى كان بيدعم مستشفياتنا ... و ده أقل حاجة نردله بيها الجميل 

الله يرحمه ... طب أنا مطلوب منى إيه يا دكتور ؟ 

تعالى لها كل يوم يا يوسف ... ده هيساعدها إنها تتخطى الحالة اللى هى فيها ده 

حاضر ... شكرا يا دكتور 

و هذا ما حدث لى بعد وافاه أهلى ... أصبت بالكتاتونيا و فقت منها بعد شهر و نصف تقريبا ..أول شىء فقت عليه كان يوسف يمسك بييدى ... كنت أرى فى عينيه الخوف و القلق على ... حركت يدى و ضغطت علي يده و كانت هذه أول حركة لى ... بعد ما عقلى إستوعب إننى مازلت على قيد الحياه فقرر أن يرجع إلى الحياه ... 

تالا أخيرا فقتى حمدالله على السلامة يا حبيبتى ... إنت قلقتينى عليكى بجد .. وحشتينى أوى 

و إنت كمان وحشتنى

كنت أتكلم بصعوبة ... أحاول أن أحرك لسانى و فمى ... أحاول أن أحرك عينى تجاهه ... كل شىء كان بصعوبة ... لم أتخيل  ابدا أن يوما ما الأشياء البسيطة التى نفعلها دون تفكير مثل المشى و الكلام و الحركة سوف يكونون بهذه الصعوبة ... 

إنت عارفة ... صدقينى مفيش يوم سبتك لوحدك 

مصدقاك ... كنت بحس بيك يا يوسف 

طيب يلا بقى قومى بسرعة كدة ... عايزين نرجع لحياتنا الطبيعية 

حياتنا الطبيعية هاهاها ...

كنت أضحك بوجع بداخلى شديد ... ضحكت حتى بكيت ... كانت دموعى تنزل كالأنهار ...و أتكلم بإرهاق و صعوبة شديدة...

خلاص أنا مبقاش عندى حياه طبيعية ... يوسف إنت عارف أنا بحب أهلى قد إيه ... لدرجة إنى سبت دراستى و جيت عشت معاهم ... يوسف أنا تعبانة ... موجوعة و مصدومة ... مش مصدقة إنى هرجع بيتى مش هلاقى حد من أهلى ... مش مصدقة إنى خلاص هنام منغير عشاء كل يوم معاهم ... مش مصدقةإنى كل يوم هعزف لنفسى بدل ما كنت بعزفلهم و بابا و ماما و عادل يقعدوا يسقفولى !! مش متخيلة يوم السبت هيجى منغير ما أخرج معاهم يوم الجمعة... مش قادرة أتخيل إن حضن ماما اللى كنت بترمى فيه لما بتخنق مش هيبقى موجود ثانى ... مش مصدقة و مش قادرة أستوعب فكرة موتهم !! يعنى إيه موت أصلا يا يوسف ؟ يعنى إيه حد يكون عايش معاك وبتشوفه علطول قدامك وفجأة منغير أى مقدمات يتسحب منك كدة و ملكش أى حق إنك تشوفه ... إيه الموت ده ؟؟ الموت ده أصعب حاجة ممكن الإنسان يواجهها فى حياته ... كإنه الشبح اللى بيرهب الناس منغير ما يحسوا!! هو ليه ربنا بيعمل فيا كدة يا يوسف ها ؟ أنا عملت إيه فى حياتى علشان ربنا يعاقبنى بالشكل ده ؟ هو عارف إنى مقدرش أستغنى عنهم ... ليه يعمل فيا كدة يا يوسف ليه ...أنا حاسة ببرود ... حاسة إن فى حتى فى قلبى مبقتش تشتغل ... شايفة الدنيا سودا مش قادرة أشوف أى حاجة ثانية ... كإنى وقعت فى حفرة مش قادرة أخرج منها ... يعنى هو ده اللى ربنا عاوزه؟؟ هو ده اللى سمح بيه ربنا علشان يعزبنى ... رد عليا هو عمل معايا أنا كدة بالذات ليه ؟!!

صلى على النبى يا تالا مش كدة 

عليه الصلاه و السلام 

تنهدت تنهيدة طويلة و أوقفت دموعى ...أمسك يوسف بيدى مجددا ... 

أنا هفضل جمبك يا تالا و مش هسيبك ... لحد ما تعدى من الأزمة ده و هنتابع مع الدكتور النفسى بتاعك لحد ما تخرجى من الحالة ده 100 فى ال 100 وهنتجوز و نجيب أطفالنا هارى و هرموينى ... ممثلنا المفضلين فى الفيلم المفضل بتاعنا ... فاكرة ؟ هنجيبهم و هنفرجهم على الأفلام و هنقريهم الكتب ... هنخليهم شجعان زيهم ... فى حاجات كثير لسة مستنيانا مع بعض يا تالا... فى حاجات حلوة كثير فى حياتنا هنعيشها سوا ... هنقضى اليوم بسعادته و مره ... و طول ما إيدينا مكلبشة فى بعض كدة مفيش حاجة هتقدر تتغلب علينا ... أنا بحبك يا تالا

قبل يداى و إبتسم لى ... كان يوسف دائما يريحنى ... كان يطمأننى ... كنت أشعر بالأمان بجواره ... بغض النظر عن ما يحدث حولى ...كان هو مصدر أمانى...

هو أنا هخرج من هنا امتى 

يومين بالكثير يا حبيبتى حالتك هتستقر و تخرجى ..

لا أنا مش هستنى يومين كمان يا يوسف أنا مش قادرة ... 

ماينفعش يا تال...

لا ينفع ... نديلى الدكتور بس 

دكتور دكتور ...

أيوة .... يااه حمدالله على السلامة يا أنسة تالا... عاملة إيه إنهردا ؟ 

كويسة الحمد الله 

طيب أنا هتأكد بس من كام حاجة ممكن تسعدينى؟

اه طبعا 

طيب ممكن تحركى مشط رجلك ...تمام 

أرفعى إيدك و نزليها .... تمام 

أنا ههرشلك فى رجلك من تحت لو غيرتى قولى لى اه 

اهه 

ده إنت مغرتيش بس ده إنت عملتى رد فعل و بعدتى كمان ... لا تمام إنت زى الفل 

طيب ممكن أخرج النهردا بقى ؟ 

لا لازم تفضلى يوم بالكثير كمان علشان حالتك تستقر ...

لا يا دكتور أنا كويسة ...و يوسف كمان معايا لو حصل أى حاجة أكيد هايجبنى 

 يوسف ... حضرتك متأكد إنك هتاخذ بالك منها ؟ 

هو أنا دكتور نسا اه بس بفهم فى الحاجات ده برضو يا دكتور متقلقش 

هاهاها طيب تمام ... تقدرى تحضرى حاجتك يا أنسة تالا و تمشى ... تكاليف المستشفى كلها علينا ... باباكى الله يرحمه عمره ما قصر معانا 

لا يا دكتور مينفعش ... المبلغ ....

بس بس مفيش الكلام ده ... مدير المستشفى هو اللى أمر بكدة

أنا مش عارفة أشكر حضرتك إزاى 

لا شكر على واجب معملناش غير اللى كان المفروض يتعمل ... ده شغلنا .. و ده ولا حاجة ... حمدالله على سلامتك 

جهزت حقيبتى و لبست و نزلت و أنا أتسند على يوسف إلى الأسفل لأركب سيارة يوسف... 

ها يا ستى تحبى تروحى تاكلى ولا أروحك ؟ 

روحنى يا يوسف ... 

لم أكن أنطق كلام كثير ... شعرت أن الكلام قد إنتهى ... شعرت أن كل شىء صار بلا قيمة ... حتى الكلام الذى كنت أنتظر يوسف حتى أحكيه له قد إنتهى ... كل شىء صار يتلاشى أمامى و أنا لست قادرة على فعل أى شىء ... كان الحل الوحيد الذى أمامى هو أن أغمض عيناى لأسبح فى النوم و أتخلص من هذا الألم لبعض الوقت ... و قد فعلت ذلك ... و لكن الحزن كان يرافقنى فحلمت بكابوس ... حلمت بذلك اليوم ... حلمت بالسيارة و هى تنقلب بسبب فرقعة العجلة الأمامية ... حلمت بها و أنا أنظر لأهلى و أرواحهم تتسلل خارجهم ليصعدوا إلى فوق ... و أنا فى محاولة يائسة منى أن أمسكهم و أنزلهم للأرض مجددا و لكننى لم أقدر ... صرت أصرخ أصرخ و أبكى لإننى لست قادرة على شىء ... و ثم فجأة وجدت نور أبيض ساطع يقرب من عيناى حتى إننى لم أقدر أتحمله فأستيقظت من نومى و أنا أصرخ و أتنفس بصعوبة ... كان نور السيارة التى أمامنا ...

إيه إيه فى إيه يا تالا مالك يا حبيبتى خدتينى ؟؟!

كابوس كابوس يا يوسف ... واضح إنى مش هعرف أرتاح  و أنا نايمة كمان ..

متخفيش يا حبيبتى متخفيش أنا جمبك 

أمسك يوسف بيدى و قبلها ...

أنا نمت كثير ؟

لأ خالص ربع ساعة بس ...نامى ثانى لو عايزة فاضلنا نصف ساعة على الأقل علشان السكة زحمة ..

هى الساعة كام ؟ 

8 يا حبيبتى 

نزلت من السيارة أمام البيت ... دخل معى يوسف و أوصلنى إلى غرفتى ... لم يرحل إلا عندما إطمأن على ... مثلت عليه إننى فى حالة لا بأس بها حتى يرحل .. لإننى كنت ذاهبة إلى المقابر و إذا قلت له فلن يوافق ... بعد أن رحل ... لبست بنطلون إسود و تيشيرت إسود و وضعت علي جاكت ثقيل إسود ...لإننا كنا فى فصل الشتاء و كان الجو فى غاية البرودة ... أخذت مفاتيح البيت و نزلت طلبت تاكسى و ذهبت إلى المقابر ... طلبت من الرجل الذى يحرس المقابر أن يذهب معى إلى مقابر عائلتى ... فتح لى الباب و دخلت إليه ... لم أكن أعرف ماذا أقول أو أنطق ... لم أكن أشعر بالخوف بالعكس كنت أشعر بالأمان ... شعرت إنهم بجوارى و يحتضنوننى ... لم أجد أى كلام غير البكاء ... بكيت بقهرة و بوجع و بعذاب ... بدأت أن أنطق و أقول ...

سبتونى لوحدى ... هان عليكى يا ماما تسيبينى و تمشى ... محربتيش الموت ليه يا ماما ها ؟ هان عليكى تسيبينى عايشة فى الدنيا لوحدى ؟ و إنت يا بابا ... إيه زهقت منى ؟ مش عايز تسمعنى و أنا بعزف تشيللو ثانى ؟ طب كنت تقولى مكنتش هزعل منك و مكنتش هزعجك ... بس إنت مسبتليش إختيار يا بابا و سبتنى لوحدى ... مهنش عليك بنتك يتقال عليها يتيمة و يتلعب بيها ؟ هان عليك يا بابا إنك تسيبنى و مش هتجيلى كل يوم بليل تدينى حضنك الحلو...ها يا بابا ؟ كل حاجة كدة خلاص راحت ؟ مفيش ذكريات حلوة ثانى هتتعمل ؟ و إنت يا عادل ... مين هيحس بيا بليل و أنا بعيط لوحدى و تقوم من النوم فى الأوضة اللى جنبى علشان تجيلى و تهدينى و تفرفشنى و تجبلى شوكولاتة علشان أتبسط لحد ما أنام فى حضنك و تطمن عليا ؟ خلاص كدة مش هتجيلى ثانى بليل؟ مفيش مفاجأت بتاعة كل يوم سبت علشان إنت عارف إنى مبحبش اليوم ده فلازم تعملى مفاجأة ؟ خلاص كدة ؟ مفيش أخويا الجدع اللى بينزلنى بليل و يقعدنى على القهاوى علشان مبقاش محرومة من حاجة ؟ مفيش أخويا اللى هو سندى و أى مشكلة تحصلى أجرى عليك ؟ مش هتنصحنى بعد كدة أعمل إيه مع يوسف لما أتخانق معاه ؟ مش هتيجى تحكيلى عن البنت اللى بتحبها ثانى خلاص ؟ مش هتجيلى تحكيلى عملت إيه فى الكلية ولا خرجت فين ؟ هنت عليك يا عادل تسيبنى لوحدى فى الدنيا ده منغير ما تخدنى معاك ؟ ممكن يا عادل تقول لربنا إنى عايزة أجيلكو و أعيش معاكو ... عشان أنا مش هقدر أعيش منغيركوا ... إتحيلى عليه يا ماما علشان خاطرى ... اههههه يا ماما أنا تعبانة و مش قادرة مش قادرة أستحمل بعدكوا عنى ... جيبونى معاكوا علشان خاطرى 

ظللت أبكى و أبكى حتى إننى غفوت و أنا أبكى على القبر ... لم أستيقظ إلا عندما نده على عم امين و قال لى

يا أنسة الفجر شقشق و إنت لسة نايمة هنا ... إنت مخفتيش ؟

و هو فى حد هيخاف من أهله يا عم أمين ؟ إعمل حسابك ... أنا هاجى أنام كل يوم جمبهم ... سلام يا عم أمين ...

 

 



Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

Article المقال ( Septembre )

Article المقال ( Octobre )

Article المقال ( Septembre )