La Vie m'a appris. علمتنى الحياة. ( Août )






    علمتنى الحياة    


(( حتى أنت يا بروتس ؟؟!! ))

( صرخة دهشة من مغدور تفضح أفظع الطعنات ... طعنات اقرب الناس إلينا )

بقلم : بهجت نسيم



(( حتى أنت يا بروتس ؟؟!! ))

واحد من أشهر الأمثال التي تتردد للتعبير عن الخيانة و فقدان الثقة فى أحب الناس إلينا ..  وأصل هذا المثل يرجع لحادثة أغتيال يوليوس قيصر ( قائد روما العظيم ) وقتله غدراً على يد أقرب القادة إليه .. حيث اتفقوا لسبب مما أن يشتركوا جميعا في قتل يوليوس قيصر . حتى يتفرق دمه بينهم . ولا يتهم واحد منهم بقتله.... وبالفعل وحسب الخطة الموضوعة إنهال الكل عليه بالطعنات . وقيصر ما زال واقفا لم يسقط رغم كل الطعنات في جسده .. بقي قيصر متماسكً ثابتا وشامخاً  شموخ الجبال ... لم تخرج منه صرخة الآه او أى  كلمة استغاثة رغم شده  الجراح . ولكنه ووسط  كل هذه الطعنات التى تلقاها من المتآمرين عليه ......كانت عيناه تبحث عن احب الناس الى قلبه  .. فقد كان على يقين انه سيساعده وينقذه من غدر المتامرين ... ولكن يوليوس قيصر فوجئ بطعنة مؤلمة وحادة في ظهره .. . فنظر خلفه بسرعة  لكي يرى وجه قاتله.. . و فى تلك اللحظة الفارقة  ..  تغيرت ملامح وجهه من أثر الصدمة عندما رأى طاعنه فى ظهره ...  انها طعنه قاتلة من  أقرب أصدقائه . واحب الناس الى قلبه . لقد كان قيصر يمنحه الكثير والكثير من الأوسمة والمناصب. ولشدة حبه له كان يعامله وكأنه ابنه.. لقد كانت لحظة عصيبة وصعبة ... فى تلك اللحظة كان  يوليوس قيصر يكذب عينيه حتى لا يرى الحقيقة المؤلمة ..انه ( بروتوس!! ). ... . تحرك يوليوس قيصر نحو حبيبه بروتس ووضع يده على كتفه  وقد غطى الدم جسده وفي عينيه التمعت نظرة اندهاش ... نظرة لا تريد ان تصدق ما تراه مغلفة بعلامة استفهام كلها حزن وحسرة  .. وقال قيصر جملته الشهيرة : يا الله أيمكن أن يحدث هذا ؟ بروتس صديقى يطعننى بخنجره فى ظهرى ؟!! .. هذا هو الخنجر الذي أهديته له في إحدى المناسبات؟!...  حتى أنت يا بروتوس !! ..فرد عليه بروتس: اني احبك...  لكني احب روما أكثر.  فكان جواب القيصر: إذاً فلتحيا روما وليمت قيصر

وعادةً ما تكون الخيانة وجهة نظر لدى الخائنين.. وعادةً ما يكون السبب المعلن للخيانة سبباً أخلاقياً.....فالخائنون هم أكثر الناس ترديداً للكلمات الجميلة الرنانة .. والكاذبون هم أكثر الناس حديثاً عن الصدق .. والغادرون هم أكثر الناس مطالبة بالوفاء ..  فالكل  يتحدث عما يفتقده.. وهنا أتذكر ما حدث فى  احدى اللقاءات  بين ( برنارد شو )  وأحد الكتاب المغمورين الذى تطاول عليه قائلاً : ( أنا أحسن منك .. لأنك تكتب من أجل المال .. اما أنا فأكتب من أجل الشرف ) فأجابه برنارد شو: ( عندك حق  فكل منا يبحث عما ينقصه  )

وفى النهاية  سقط قيصر ميتا .. مات  قيصر وعاشت  كلمته الاخيرة عبر التاريخ لتعبر عن بشاعة طعنات المحبين إلينا .. كانت طعنة بروتوس هي الطعنة القاتلة . بخلاف كل الطعنات الأخرى .. لم يطعنه في جسده و إنما في روحه .. طعنه في عواطفه … في ثقته ….هنا فقط .. سقط قيصر.. سقط راضيا بالسقوط معلنا انهزامه …. مات قيصر.. مات راضيا بالموت ...مات راضيا بأن يموت مرة واحدة فقط ... بدلا ما ان يموت كل يوم  ألف مرة بسبب طعنات احب الناس الى قلبه . لأن ماهى قيمة الحياة بعد اكتشاف طعنات من يسكنون قلوبنا وهى تمزق ظهورنا ... هذه الطعنات لا نستطيع أن نقاومها ولا أن نرد بمثلها  لانها من محبينا ..فقط ... نستسلم للموت لاننا لا نريد ان نعيش لنرى الغدر والخيانة والاحتقار من احب القلوب لقلبنا ...الموت أهون .. بالحقيقة .. أهون ... فالطعنة يكون ألمها فوق الاحتمال  عندما يكون مصدرها  احب الناس اليك... تكون الصدمة شديدة وقاسية حيث لم تكن متوقعاً منه أن يطعنك فى ظهرك بدلاً من أن يحميك ... فالطعنات تكون اقوى وأكثر ألماً عندما تصدر من اقرب الناس الينا  ... فطعنات  المقربين هى  طعنات قاتلة مميتة ... . وبالفعل  لم يخطئ من قال ( ومن الحب ما قتل ) .. فآلام الخذلان والغدر والخيانة  تشبه أعراض الجلطات ...  كل هذه المشاعر قد يبلغ فيها الألم النفسي أقصى درجاته  مما يسبب سرعة  دقات القلب . مما يسبب أعراض تشبه أعراض الذبحة الصدرية . وهو ما بيعرف  الآن بمتلازمة القلب المكسور ( وهو مصطلح حديث العهد نسبيًا في قاموس الطب ) يمكن أن تحدث نتيجة للتعرض للعنف..  فقدان  شخص عزيز.. المشاكل  الأسرية   ...  الدخول في خلافات كلامية حادة ... خسارة أو حتى ربح الكثير من المال... المفاجآت السريعة الصادمة ... التحدث أمام جمهور ... فقدان الوظيفة أو الصعوبات المالية ... الطلاق .  

ومع الوقت ربط العلماء هذه الظاهرة بالأعراض التقليدية التي تحدث مثل الشعور بوجع في القلب وقلة النوم وألم البطن والقلق المستمر وعدم القدرة على التركيز . علاوة على ضعف جهاز المناعة وضيق النفس .

فرفقًا بقلوب تحبكم  يا أعزائى ... ولا تحملوها فوق ما تحتمل . فيكفيها مكابدة آلام الحياة.. ولا تكسروا بخاطر أشخاص  تحبكم بكل صدق وإخلاص  ( أب .. أم ..زوج .. زوجة .. أبن ..أبنة .. صديق .. صديقة .. أستاذ .. تلميذ ) فلا تحبطوهم  ولا تسخروا  من مشاعرهم.. ولا تقسوا عليهم ولاتجعلهم مادة للسخرية حتى ولو على سبيل الدعابة والتسلية .  فإنها ليست عظامًا تجبر. بل أرواح تقهر. فقد ينكسر قلب أحدهم بسببك .. ويموت بالرغم من انه لازال يتنفس .. ( خللى بالك ) .

                                                                            



Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

Article المقال ( Septembre )

Article المقال ( Octobre )

Article المقال ( Septembre )