Article المقال ( Août )
باريس الشرق
بقلم : ليليان عادل
بيروت تحصل على المركز الأول بين قائمة الأماكن التى
ينبغى عليك زيارتها هكذا صنفتها صحيفة تايمز بنيويورك عام 2009!
هى من ضمن المدن العشرة الأوائل الأكثر حيوية كما صنفت
فى دليل لونلى بلانت السياحى حيث تعتبر بيروت أهم مدن جمهورية لبنان لموقعها الجغرافى؛
لأنها من أقدم المدن فقد ذكرت فى رسائل تل العمارنة المؤرخة فى القرن الخامس عشر
ق.م ومن أقدم أسمائها هو بيروتا كما ذكر فى هذه الألواح. وسماها الفنيقيون بيريت
وتعنى فى لغتهم الآبار وعرفت فى اليونانية القديمة بأسم بيريتوس وكلمة بيروت تعنى
الصنوبر فهى تقع بالقرب من غابة صنوبر وتعرف اليوم بحرش أو حرج بيروت. كما لقبت
بالعديد من الألقاب مثل مدينة الآلهة وبيروت الأبية والمجيدة لعنادها فى مقارعة
المدينة وأم الشرائع لبناء أكبر معهد للقانون بالإمبراطورية بها والدرة الغالية
وباريس الشرق. تمتاز بيروت بموقع جغرافى
فى وسط الخط الساحلى اللبنانى شرق البحر المتوسط مما جعل مناخها معتدل يسوده
المناخ المتوسط من صيف حار عالى الرطوبة وشتاء بارد ممطر وربيع وخريف معتدلين، كما
تعتبر العاصمة السياسية لجمهورية لبنان حيث تعتبر مقر معظم الدوائر السياسية من
البرلمان ورئاسة الحكومة ومراكز معظم الوزارات والدوائر الحكومية وتتركز فيها المرافق
الحيوية مما جعل لها دور فى الحركة الأقتصادية اللبنانية. وهى أيضاً من أهم الدول
الثقافية فى الشرق الأوسط والوطن العربى فهى غنية بالصحافة الحرة والمسارح ومعارض
الفنون والمتاحف وبالرغم من مرورها بعديد من الكوارث إلا أنها كانت تتألق مجدداً حيث
مر بها الحرب الأهلية اللبنانية ونتج عنها خراب وفوضى ولكن تم أعادة الدولة بعد
الحرب فى عهد رئيس وزراء لبنان رفيق الحريرى فأستقر الوضع بها وأصبحت مدينة سياحية
جاذبة بعد إعمار وسطها التجارى وواجهتها البحرية، وفى عام 2011 أحتلت بيروت على
المركز الثانى فى نسبة البذخ السياحى بعد دبى ووضعت فى المرتبة التاسعة فى قائمة
أكثر المدن زيارة فى العالم.
يرجع تاريخ بيروت لأكثر من 5000 سنة كما تدل أعمال
الحفريات فى وسطها على تنوع الحضارات بها وأكتشف علماء الآثار عدة مواقع آثرية تقع
ضمن حدود المناطق التى تشكل مدينة بيروت المعاصرة. بنيت بيروت من قبل أهل جبيل قبل
4000 سنة ولكنها عمرت بالسكان فأصبحت مستقلة على الساحل الذى كان يعرف بإسم فينقيا
وكان أهلها يعبدون بعل بيريت أى إله بيروت أو سيدها وأصبح لأسمها عملة نقدية خاصة
تحمل رسماً لهذا الآله، أُحُتلت بيروت فى رحلة تاريخها للعديد من الدول ففى العصور
القديمة خضعت لحكم المصريين بعد أحتلال تحتمس الثانى للساحل الشرقى للبحر المتوسط
بعد مطاردة الهكسوس ثم أحتلت من قبل الآشوريين والكلدانيين والفرس حتى هزم
الأسكندر الأكبر الفرس وضمها لأمبراطوريته ثم أحتلت من قبل الرومان وعرفت أزهى
أيامها خلال عهد هيرودوس فأصبحت مدينة رومانية كاملة الحقوق ومنحت لقب المستعمرة
الممتازة وأشتهرت بمدرسة القانون حيث درست الحقوق لأكثر من 300 عام. وفى العصور
الوسطى فتحها العرب بقيادة معاوية بن أبى سفيان وكانت تابعة لدمشق فى عهد الخلفاء
حتى أستعادها ملك البيزنطيين يوحنا زيميسياس عام 974 لسنة وأخرجته منه القوات
المصرية وحاول الصليبيين أحتلالها فهجموا عليها عام 1102 ولكنها تصدت لهم فهجموا
عليا مرة أخرى عام 1110 وتمكنوا من أحتلالها وأصبحت تابعة لمملكة بيت المقدس حتى
أستعادها صلاح الدين الأيوبى ولكنها عادت للصليبيين بعد حوالى عشرة أعوام حتى حلول
دولة المماليك فأستعادها الملك الأشرف خليل وأصبحت تابعة لطرابلس الشام حتى أحتلها
العثمانين فى العصور الحديثة.
وبداية من القرن السادس عشر كانت بيروت قرية عادية قل
فيها التجار وضعفت الصناعة والمهن البحرية حتى القرن السابع عشر عندما قام فخر
الدين بالأعتناء بها وأزدهرت وأنفحت على أوروبا فى أيامه، وفى نهاية القرن الثامن
عشر أحتلها الروس ولكن عاد لبيروت دورها بأقتحامها من خلال إبراهيم باشا. وشهدت
بيروت تطوراً فى عمرانها والأدارة بها وأزدهرت التجارة بها لكونها مركز للحجر
الصحى وكان حاكمها الفرنسى سليمان باشا وكان قائد فى الجيش المصرى وعندما تمكنت
الدولة العثمانية من أستعادة سيطرتها على بلاد الشام بدأت بيروت بالأذدهار أنتقلت
إاليها تجارة الأجانب وكثر بها مجئ المراكب الأوربية وأصبحت مركز للثقافة والفكر
العربى وأشتهرت فيها صناعة الحرير، ولكن خلال الحرب العالمية الأولى شهدت منطقة
جبل لبنان مجاعة وأمراض من تدابير العثمانيين فلجأ أبناء هذه المنطقة لبيروت حيث
أنها أسست جمعيات لمساعدتهم وفى عام 1918 تحررت
المدينة من العثمانيين وأعلنت خاضعة للأنتداب الفرنسى حتى أعلنها الفرنسيون عام
1920 عاصمة لدولة لبنان الكبيرة التى أصبحت فيما بعد حمهورية لبنان.
شهدت بيروت العديد من الأضطرابات الملاحق به العديد من
الأزدهار وشهدت تدهورات وحروب وأحتلالات ولكنها أستطاعت على أستعادة مكانتها
الحافلة بالثقل الثقافى والسياسى والاقتصادى التى لم تحظى بها أى مدينة أخرى.
وبعد سرد جزء من تاريخ بيروت فما منا إلا الصلاة داعين
الله بأنتهاء فاجعتها المؤلمة.

Commentaires
Enregistrer un commentaire