La Nouvelle القصة القصيرة ( Août )






قصة قصيرة        

أزمة اختيار..!!!


بقلم : ماريان يونان



أحيانا اختيارنا " للأشياء" حتى و لو بسيطة في حياتنا تجعلنا نشعر بأننا قادرين على اتخاذ القرارات الأصعب.. ففي النهاية الإنسان منا  ما هو الا نتيجة لاختياراته.

وعلى ذكر الاختيار و بعد المرور "بأزمة كورونا" وجدتني جالسة بالبيت كالجميع طبعا..لا حول لي ولا قوة!! و فقدت كل ما كان يجعلني "حرة" بالمعنى الصحيح للكلمة, وحينها فقط اكتشفت معنى جديد لكلمة " اختيار" في حياتي.

 ففي بداية الأمر, وقعت فريسة سهلة للاكتئاب , وتركت نفسي انساب مع التيار في عمل " اللاشيء" .. فكل يوم في حقيقته ما هو إلا تكرار ثابت للأمس والغد..ولا جديد!!

ولكن مع الوقت وطبيعة الإنسان وحبة للتأقلم وجدتني أتفنن في أن أضيف لنفسي المزيد من الاختيارات.

في البداية قررت أن الاختيار الأمثل : هو ا ن أحب كل ما حولي بل وأتعلم كيفية التعايش معه..

ووجدتني .. أنظف كل شيء..!! أنظف.. ثم أنظف ثم أنظف!!

حقا كان هذا هو الاختيار الأمثل, وجعلني هذا أخرج الطاقة السلبية التي كانت قد سبق وتمكنت منى وانفض عن نفسي غبار الكسل واللا شيء واشعر اننى أبعث للحياة مرة أخرى.

وفعلا.. أصبحت الأعمال المنزلية اليومية هي شغلي الشاغل..وبما اننى امرأة عاملة..( أقصد كنت قبل أزمة كورونا) ف كنت أجد صعوبة في ترتيب أولوياتى و طبعا اقصد بذلك : الغسيل,التطبيق...وغيرة من الأمور اللطيفة., وبالفعل أصبحت اختياراتي ذات أولويات منظمة بل ومنظمة جدا.

ومع الوقت أصبح دخولي المطبخ يأخذ منحنى آخر..وللمرة الأولى منذ فترة طويلة أجد نفسي امسك بهاتفي وابحث  على الانترنت عن "أكلات كل يوم بطرق مبتكرة"

ويا للهول! لقد تفاجأت أن الاختيارات هذه المرة ..لن تكون سهلة بالمرة, فالاختيارات هنا بين متعدد من  خمسة الآلاف تسعمائة وثمانون فيديو فهناك المئات من الشيفات وربات البيوت الذين يقدمون نفس الأكلة الواحدة بطرق أجدها " ملتوية" وليست "مبتكرة" ويتفنن كل واحدا منهم بأن يضيفوا  إلى عذاب أختياراتى عذاب جديد!!

فمنهم من وضعني في دوامة  استخدام البهارات والزيوت ذات الأسماء الفرعونية على غرار : بذور حبة الكتان وزيت السمك وزيت السمسم لأجد نفسي في ورطة حقيقية ومنهم من سهل لي الأمر وجعل الأمور بسيطة وسهلة التحقيق المنال لدرجة جعلتني اتهم ذلك النوع ب "لكلكة الأمور" و مع الوقت أصبحت الاختيارات تتسع وتتسع وتتسع..أصبحت في حيرة من أمرى, ولكنني لم أيأس وبعد مشاهدة الفيديو رقم تسعمائة وواحد  وثمانون لنفس الأكلة ..قررت أخيرا أن ادخل المطبخ واصنع وجبتي صاحبة الفيديو القادم وكأنني استجمع بها خبرات كل ما رأيت بل وأضيف علية.. حقا الفضل فيما اصنع يعود ل "الكورونا" صاحبة شعار "خليك بالبيت" فأصبحنا عباقرة صناعة فيديوهات منزلية مضاف إليها الكثير والكثير من بهارات " الفتوى" .. وينتهي اليوم واشكر الله على ما فعلته من انجاز!! ولكن اليوم انتهى وما قدمت اليوم أصبح يتكرر كل يوم ووجدتني أعود إلى اكلاتى العادية وأتقهقر ببطء رافعة الراية البيضاء .

لقد حان الوقت.. لابد من شيء أخر..اختيار جديد يجعلني منشغلة لأعود إلى قوقعة الاكتئاب مرة أخرى ..اختيار واقعي ملموس..فلن اخطط مثلا للسفر إلى الخارج للاستجمام في تلك الظروف  مثلا..

وقد كان الاختيار هذه المرة هو "الدايت " فبعد صناعة الكثير والكثير من الوجبات المليئة بالسمن والزبد  و"  المحمر و المشمر" أصبح النظر إلى المرآة ل هو عمل شاق .. وكان لابد من فعل شيء حيال هذا الأمر  .

ووجدتني للمرة الثانية اجلس وامسك بهاتفي وأتصفح الانترنت باحثة عن دايت مناسب. وعلمت حينها أن حيرة اختياري لعمل أكلة بطريقة مبتكرة كان بمثابة " لعب عيال" بجانب المتاهة التي أقحمت نفسي فيها ألان .

فهنا أعشاب طبيعية وهناك نقط تنحيفية أما هذه ف سحرية مذيبة للدهون وهنا ما يسمى ب"الكيتو"....إلى أخر قائمة طوييييلة عريضة ومازال السؤال يطاردني "كيف اختار؟" وبالفعل هذا ما قررت فعلة : أصبحت أوجه أسئلتي   المحيرة وأوزعها في كل الجروبات والصفحات التي تقابلني:  ما المناسب وكيف اختار و من أين ابدأ؟ لعلهم يحتاروا  حيرتي عندما اعرض عليهم كل الأنظمة التي تقع عليها عيني.. ولكن جاءت الإجابات بما لا يمكنني رفضه.. كانت اغلب الإجابات مقنعة والأمور  سهلة وبسيطة: كل أنواع الدايت تصلح لكي يا سيدتي .. فقط تابعينا, والحق أقول لكم رغم أن كل الأمور متاحة..فقد زاد هذا من حيرتي.

وأخيرا..قررت سأضع كل هذا جانبا ولسوف اذهب إلى عيادة دكتور التغذية المختص والتي كنت ارتادها منذ عدة سنوات, ولكم كنت فخورة باختياري هذه المرة فبرد صدري وأحسست أنني أخيرا انتصرت على حيرتي ولوحت بعصاي السحرية إلى اختيار جديد يرفض"كل ما سبق" فطبيعي أن طبيبي المعالج سيفهم أفضل من اختبار وصفة الشاي الأخضر بالزنجبيل  والقرفة مضافا إليها عصير الليمون المنعنع  والتي تساعد على الحرق والتي وجدتها في منتدى "فتكات للي جاى واللي فات ".

  وبالفعل ذهبت إلى هناك في اليوم التالي ولكنني وجدت العيادة تحت التجديد فاستقبلتني هناك بشاشة جعلتني اشعر بأنني على الطريق الصحيح.

فسألتها عن ما إذا كان الدكتور فلان مازال موجود بالمركز حيث ان المكان مجهز أيضا للعلاج الطبيعي.

فردت بالإيجاب وعن انه سوف ينتظم بالحضور بداية من الأسبوع القادم حيث أن عيادته بالمكان توسع لتضم أجهزة الشفط الحديثة والنحت الموضعي...الخ وانهالت عليا بالأسماء وهى لأتعرف شيئا   عن بنات أفكاري في هذه اللحظات.

وهنا شعرت بالدوار..وعدت من حيث أتيت..كنت في حيرة بالغة..كيف يكون متاح أمامي كل هذه الأمور ولا اعرف كيف اختار؟؟ وهنا اكتشفت شيئا هام جدا

اكتشفت أن أحيانا كثرة الاختيارات تجعلنا لا نختار أو ربما الخوف من أن اختار خطأ يجعلني أقف مكاني ولا اختار.. حينها وحينها فقط نعود إلى منطقتنا الآمنة ا وال        التي سبق وأثبتت أنها غير مضرة .Safe zone  

وعدت إلى يومي العادي و كأن شئ لم يحدث..أحاول البحث عن ما يشغلني ولكن هذه المرة من" المتاح" راضية بقضاء الله عملا بمقولة: القناعة كنز لا يفنى.. وقاومت نفسي من أن امسك بهاتفي هذه المرة لأتصفح الانترنت.

تسألوني عن "الدايت"؟؟

الإجابة: طبعا  "التقليدي" ف أنا اتبع الدايت التقليدي الذي يجعلني أكل كل شئ متاح ولكنن أحافظ على تقنين الكميات..

وقررت أن اختار أن ابدأ بالاهتمام بثقافتي الشخصية فيمكنني أن أتعلم لغة جديدة.. ولكن هذه قصة أخرى!!





Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

Article المقال ( Septembre )

Article المقال ( Octobre )

Article المقال ( Septembre )