Article المقال ( Juillet )
إلى
إبنتي المستقبلية #
كيف
حالك يا صغيرتي؟ هدف الحياة الأسمى و الأهم في وجهة نظري هي السعادة، هي أن يكون الشخص
سعيداً بما يفعل، مع من يعيش، و بكل ما يملك. إذاً، ما هي معايير السعادة بالنسبة لك؟
أقصد ماذا يجب أن يملك الإنسان حتى يصل لقمة السعادة؟ مع من ينبغي أن يُنشيء علاقة،
حتى لا يريد شيئاً آخر، و ماذا تظنينه يفعل، ليكون الأكثر حظاً؟؟
سأحكي
لكِ قصة يا فتاتي، و أنا في المدرسة الإبتدائية كانت لي زميلة فلندعوها (نورهان)، كانت
(نورهان) جميلة جداً، حقاً أجمل من معظمنا، كهبة من الله، و كانت أمك طبعاً في تلك
الأثناء أشبه للكرة! كانت (نورهان) دائمة التباهي بجسدها و بلياقته، و كيف أنها رشيقة
و تلعب مختلف الرياضات أما أنا فلا أعرف أي رياضة، كما كانت (نورهان) دائمة الحديث
عن ملابسها ذات "الموضة" التي تشتريها من خارج البلاد، و حذائها اللامع الذي
كلف أباها كذا و كذا، و لعبها المميزة التي إشترتها بمجرد رؤيتها للإعلان في التلفاز،
و كلما كبرنا سوياً، كانت كثيرة الكلام عن أموال أبيها و جدها، و عن كيف أنها تحصل
على كل ما تريد وقتما تريده. و كلما كانت هناك "موضة" لإحدي ال"تقليعات"
السخيفة التي لا معنى لها، كانت أول اللذين يشترونها لإغاظتنا فحسب، قائلة "پاپي
جابلي كل الألوان".
لن
أكذب عليكِ يا سكرتي و أقول لكِ أنني لم أكن أنصاع لتلك الإستفذاذات، ففي الحقيقة في
ذلك الوقت كانت "الموضة السخيفة" التي أقول لك عنها لامعة براقة في نظري.
و كانت ألعابها و ملابسها و.. و.. جميلة جداً و كم أتمنى أن أمتلكها و لكني مع الأسف
طفلة سمينة لسبب لا يد لي فيه ! كنت أنام و أقوم لأحلم ب(نورهان) و هي تغيظني و تبكيني،
و أحلم كثيراً أنني أصبحت أملك جسد (نورهان) و ألعاب (نورهان) و ملابس (نورهان) حتى
أنتقم.
بعد
بضعة سنوات أصبحنا أصدقاء، و إكتشفت عنها شيئاً لم يكن في حسباني! إكتشفت أنها فعلت
كل هذا منذ طفولتها، كل ذلك الكبرياء و تلك السخافات فقط لتكون صديقتي! ظنت بعقلها
الصغير آنذاك أنها إن أخبرتني أكثر بما تملك سأريدها أن تكون صديقتي، لأنها ليس لها
ثقة في نفسها لتظن أني ربما سأصادقها لشخصها! لم أكن أتخيل أبداً في حياتي أن تلك ال(نورهان)
عديمة الثقة في النفس إلى تلك الدرجة!!!
ماذا
تقصدين إذاً يا أمي بتلك الحكاية؟ أقصد يا إبنتي ما قاله شيكسبير : ليس كل ما يلمع
ذهباً، بل بالأكثر : إن كان يلمع فهو غالباً ليس ذهباً ... ستأتين إلي كثيراً و تقولين
أن فلانة لديها كذا و كذا و كذا لذلك هي سعيدة أما أنتِ فليس لديك، و ستأتين لتتعجبين
من كيف أن حياة أحدهم كاملة للغاية، ليس لديه أي نقص في حياته و أنه ياليتك لديك حياته،
و كثيراً ما ستقولين لي كم كنت أتمنى أن أولد بهذا الشكل أو أن أكون في ذلك الوضع الإجتماعي
أو أن أمتلك تلك الممتلكات اللامعة ...
سأريدك
آنذاك أن تفهمي شيء واحد: كلٌ له إمتحانه يا صغيرتي، و كل شيء موزع حسب الرحمة الإلهية
و التخطيط الإلهي المُحكم الذي يفوق كل عقل، فقط آمني بما قسم لكِ و لا تنظري في ورقة
غيرك لأن هذا الفعل يا إبنتي محض هراء !
دمت
سعيدة يا حبيبتي الصغيرة ،،
Commentaires
Enregistrer un commentaire