Archéologie et Arts Archeology and Arts. الأثار و الفنون
رمزية
البخور والمبخرة والنور ومصادره في المسيحية
بقلم / ممدوح القرضاوى
الباحث فى الأثار و الفنون القبطية
1-1-1 رمزية البخور في المسيحية :
رمز للسيد المسيح (Chevalier, Ghearbrant, 1994, 538)، بالإضافة
لرمزيته للصلاة المرفوعة للرب والتطهير ويرمز للطاعة الواجبة أو يرمز الذبيحة وشكر
على الجميل أو المدح وهو وسيلة الاتصال بالسماء حيث يأخذ المؤمنين للسماء ويعمل
على إبعاد الشر(Olderr,
2012, 115-16)، حيث يرتفع بالروح ويقودها تجاه السماء نحو الله وبالتالي يستخدم في
الصلاة والتأمل وفي الأماكن الروحية بشكل عام وبالتالي هو صعود روحي(Morel, 2004, 361-362)
بالإضافة إلى أنه رمز للروح، بواسطة رائحته الجميلة يمحو الرائحة الكريهة، ويرمز
للتكريم حيث يتم التبخير به للمذابح والإنجيل والأساقفة كنوع من التكريم (Metzger, Coogan, 1993, 301: 302; Metford,
1983,127)
1-1-2 رمزية المبخرة في المسيحية:
ترمز المبخرة لألوهية السيد
المسيح، حيث أن الفحم المتحد بالنار في تجويف المبخرة رمزية لاتحاد اللاهوت
الناسوت في السيد المسيح اتحاد غير مفترق ولا ممتزج في شخص السيد المسيح في بطن
العذراء لا يعبر عنه والبخور هو صلاة القديسين(اثانسيوس المقاري، 2008، 121-122)،
وترمز لصلاة المؤمنين المرفوعة للرب وترمز للقساوسة والكهنة والمدح (Fergison, 1961, 163) والاحترام
والتقوى والتضحية وترمز أيضاً لأنفاس الإله DeVries, 1984,89))
1-1-3 رمزية المبخرة في الليتورجيات القبطية
أخذت تقدمة البخور والمبخرة
أهمية كبرى في الليتورجيات القبطية حيث رمزت إلى السيدة العذراء التي حملت في
رحمها السيد المسيح مثل المبخرة تحمل الجمر الحي وأصبحت هذه العلامة مؤكدة في
الليتورجيات القبطية وأصبحت الثلاث سلاسل للمبخرة ترمز للثالوث المقدس(تادرس
ملطي، د.ت، 379).
وتأكيدًا على ذلك ما يتلى في
الكنيسة في لحن (تاي شوري) المبخرة الذهبية "هذه المبخرة من الذهب الخالص
تحمل العنبر والمعهود بها إلى هارون القسيس الذي يرفع البخور فوق المذبح ويتلو
الشعب "وفي أيام صيام العذراء لحن" المبخرة الذهبية ومنقذنا هو العنبر
هي التي ولدته وهو أنقذنا وغفر ذنوبنا "وبعد الصيام ينشدون" أنت المبخرة
الذهبية التي تحمل الجمر الحي (السيد المسيح) وأبصلموديا الأحد الخاص بوالدة الإله
الثيوطوكوس تشتمل على نفس المشابهة بين المبخرة والسيدة العذراء وفي الليتورجيات
الإثيوبية تشتمل على نفس المشابهة في الصلاة فيقول القسيس عندما يرفع البخور أمام
أيقونة العذراء "أنتِ المبخرة الذهبية حاملة الجمر الحي أفرحي لكونه
تجسد"(Basilios,1991, vol.5,
1470).
1-1-4
المبخرة والنور ومصادره
يتم إشعال الشموع في ابتداء رفع
البخور على جانبي المذبح على شمعدانين أحدهما شمالاً والآخر جنوباً، وتدوم مشتعلة
من أول رفع البخور إلى نهايته أن كان لعشية أو باكر، ومن وقت استخدام المذبح إلى
نهاية القداس وانصراف الشعب، ويوقد الشمامسة شمعدان أخرى زيادة على السابقين
الموقدين عن يمين الكاهن ويساره للإنارة بها على الذبيحة الإلهية وقت تقديم الحمل
(يوحنا سلامة، ج1، د.ت,194)، كما ذكر أسقف قورش أن في المسيحية يقومون بإبقاء المصباح
المقدس وتقديم البخور كما كان يقوم هارون كاهن المعبد كل صباح (اثناسيوس المقاري،
ج1، 2001، 174) يوجد قنديل الشرق في شرقية الكنيسة (حضن الأب) ولا يتم إطفائه
ليلاً ولا نهاراً ومستمر ذلك في كل الكنائس حتى الآن والسبب في ذلك حتى لا يدخل
البيعة (الكنيسة) نار غريبة؛ لأن الذبائح الأولى كانت تنزل نار من السماء وتحرقها
(ساويرس ابن المقفع، د.ت، ص16)، نرى من كل ما سبق تزامن الضوء أو المصباح أو النار
باعتبارهم مصادر للضوء مع المبخرة في الطقوس المسيحية وفيما يلي سنتناول رمزيتها.
1-1-4-1
النور
ذكر في الإنجيل على لسان السيد
المسيح أنه هو نور العالم (يو 12:8) ([1]) (Livingstone, 2000, 342) ومن يعرفه
لا يرى الظلام أبداً (Ferguson,
1961, 43)، كما يرمز النور في بعض الأحيان
إلى السيدة العذراء حاملة النور (Cooper,
1992, 97) وأيضاً للاستنارة والتقوى وتم تصوير الله على أنه متسربل بالنور(Powell, 2011, 558)، ويرمز للإله والنور
الإلهي وفي الفنون المرئية يصور النور الروحي على هيئة هالة تحيط بالرأس كما في
تصوير القديسين(Becker,
1994, 177)، قانون الله وكلمته نور، وفي كتابات آباء الكنيسة أن النور يرمز
للفردوس والأبدية (Chevalier,
Gheerbrant, 1994, 605)، ويرمز للنعم والخير به والسيد المسيح ذاته(Olderr, 2012,. 126)، وتعلق
النور بالروح كما أنه رمز للفضيلة وخاصة
فضيلة الإدراك أو العقل وهي نتيجة قوة روحية، وهذه الرمزية جاءت من حضارات الشرق
القديم(Cirlot,
1990, 179)، في العهد القديم الكلمة نور تقود الناس نحو الله وتهبهم السعادة ولذات
السبب يسمى بولس المسيحيين أبناء النور (يو 36:12) ([2]).
(سيرنج، 1992، 345) كذلك ارتبط النور بالمعمودية والعماد، ففي عماد السيد المسيح
ظهر له النور وحل عليه الروح القدس في هيئة حمامة التي نظر إليه على أنها نور
إلهي، فبالتالي التعميد هو استنارة روحية، (chevalier, Gheerbrant, 1994, 603), وهو ما
نراه في الفنون القبطية في تصوير العماد في الكنيسة القبطية نرى الحمامة (الروح
القدس) تهبط على السيد المسيح محاطة بالنور وهو ما يؤكد ذلك ولقد وصف المسيح
تلاميذه بأنهم نور العالم (مت 14:5)([3]).
1-1-1-2
النار
هبطت على هيئة ألسنة نار على
الرسل في عيد العنصرة الأول في المسيحية وترمز إلى الروح القدس (أع 2: 1-5)
([4]).(Biedermann, 1992, 129-130)،
ورمزت لمعاناة السيد المسيح، واختبار الإيمان مثل وضع الذهب في النار (Powell, 2011, 288)، ورمزت أيضاً
إلى الجحيم والاستنارة الإلهية والحماسة والخير والمطهر والرغبة الشديدة (DeVries, 1984, 187)، ورمزت
للتطهير كما ورد في إنجيل (لو 3-16) ([5]).
أن هناك من سوف يعمد بالنار وأن السيد المسيح جاء ليلقي نار في الأرض (لو 12-49)
([6])،
ولها رمزية أخرى كما في حالة الثلاثة فتية في آتون النار (سدراك وميساك وعبد نغو)
حيث ترمز للموت العنيف الذي ينتظره المسيحيين الذي يتحقق به الخلاص، وفي حين آخر
ترمز لفكرة السلام (سيرنج، 1992، 345- 347)، في سفر الرؤيا هي مدمرة وتنهي الشر
وبداية خلق جديد(Cirlot,
1990, 100-101)، والبعض يرى أن الشيطان سيد النار وسقط على الأرض على ألسنة من
اللهب(Chevalier, Gheerbrant,
1994, 379-382)، وعلى النقيض ترمز للظهور الإلهي, وفي رؤيا رأي السيد المسيح على
عجلات من نار(Becker,
1999, 112-113), وفي سفر الرؤيا أعين السيد المسيح مثل اللهب (رؤ 14:1) ([7]). (Powell,2011,288)
1-1-4-3
المصباح
اتجه البعض أن لا يوجد ما يدل على استخدام القناديل في الديانة المسيحية في الأزمنة المبكرة(Kalil, 2008, 313), وعلى النقيض قيل أنه استخدم في الديانة المسيحية في الأزمنة المبكرة حيث كانت تتم في الخفاء ليلاً ، ولقد أقر القديس باسيليوس في القرن 6م النور الطقسي لمصباح المساء المصحوب بالغناء(Livingstone, 2000, p. 330-331) ومع مطلع العصور الوسطى في الإمبراطورية البيزنطية اختفت المصابيح الطينية وحل محلها الشموع، في البيئة المسيحية لعب المصباح دور رئيسي، وفي عصر جستنيان الأول ( 565:527م) أصبح كل مكان داخل الكنيسة له نوع معين من المصابيح من مادة تتناسب وقداسة المكان الموضوع فيه المصباح، وأحصرت صناعة المصابيح في ثلاث مواد وهي الذهب والفضة والبرونز(Loasses, vol 2, 2014, 515: 516)، وفي الشرق يتم إشعال الشموع أمام الأيقونات (أثناسيوس المقارى, ج3, 2003, 142)، وفي الغرب يتم إشعال الشموع للذخائر الخاصة بالقديسين والمزارات المقدسة لأنهم أنوار العالم كما قال لهم السيد المسيح أنهم يستمدون نورهم من نوره (Chevalier, Gheerbrant, 1994, 589-590)، ولقد سمي القنديل الذي في الشرقية بالقنديل الذي لا ينام وهو يرمز للنجم الذي ظهر في المشرق في ميلاد السيد المسيح واهتدى به المجوس للسيد المسيح (اثناسيوس المقاري، ج3, 2003, 142). ولقد بدأ الغرب استخدام المصابيح أمام المذبح خاصة المصباح الأبيض أمام القربان المقدس في القرن 13م ولم يكن إجبارياً إلا في القرن 16م (Livingstone, 1977, 331; Kalil, 2008, 313)، وكذلك رمز المصباح للحكمة والتعليم والتضحية والحب والحضور الإلهي(Olderr, 2012, 124) ورمز أيضاً للاستنارة من الروح القدس، وكذا رمز للخير والتضحية بالذات حيث يستهلك نفسه لتنوير العالم ((DeVries, 1984, 290
و كما في المثال الذي قاله السيد المسيح عن
العذارى الحكيمات والعذارى الجاهلات ( مت 25 :1-13) ([8]).
حيث قامت الحكيمات بملأ مصابيحهن بالزيت كما يدل على الاستعداد والتيقظ فصار رمز
للتيقظ في الغرب(Becker,
1994, 172)، ولقد ظهر في العديد من الثقافات كرمز للمبادئ أو الوفاء أو للإنسان
حيث المصباح من طين محروق وبه ضوء وكذلك الإنسان مخلوق من الطين والروح هي الضوء(Chevalilier,Gheerbrant,1994,589-590)، كما
وصف الإنجيل كلام الله بالمصباح في داخل المؤمنين (Ferguson, 1961, 176-177)، ورمز للعين
بالمصباح فهي مصباح الجسد (لو 33:11)([9]).
نرى مما سبق اتفاق في الرمزية
الأكثر تكراراً وهي الحضور الإلهي في البخور والمبخرة من جانب المصباح والنار
والضوء, نرى في رمزية المبخرة أن الحضور الإلهي سواء كرمز به للسيد المسيح والسيدة
العذراء أو أن يرمز للحضور الإلهي في العبادة أو صعود الصلوات، وعلى الجانب الآخر
المصباح رمز للحضور الإلهي والألوهية والاستنارة بنور الإله، وكذلك الضوء رمز
للاستنارة ورمز لله ذاته النار رمز للحضور الإلهي في العهد القديم لله أو ظهور
الله أو المعرفة الإلهية، وفي العبادة رأينا تكامل في العبادة بين المبخرة والبخور
واستخدام الإضاءة الممثلة في المصباح المقدس والشموع على شمال وجنوب المذبح
وبالتالي تكامل في العبادة وتشابه في الرمزية حتى أن التجاور صار امتزاج وهو ما
نراه في القطعة الأثرية من المتحف القبطي مصباح ومبخرة في آن واحد.
المراجع :
1-
Basilios, A. (1991).
Liturgical Instruments. Atiya. A.S. (Ed.) COPTENC (p.p.1469-1475) .New York:
Macmillan publishing company
2-
Becker, U. (1994).The
continuum Encyclopedia of Symbols. New York
3-
Chevalier, Gheerbrant, A
( 1994) .A Dictionary of symbols , New York.
4-
Chevalier, Gheerbrant, A
( 1994) .A Dictionary of symbols , New York.
5-
Cirlot, J. ( 1999) . .A Dictionary of
symbols. London
6-
DeVries, A. (1984)
.Dictionary of symbols and Imagery third print London
7-
Ferguson, G. (1961)
.signs and Symbols in Christian Art.New York.
8-
Livingstone, E. (2000).
Christian Church, New York.
9-
Metzeger, B., Coogan, M. (1993). The
Oxford companion to the Bible, New York: Oxford university press.
10-
Morel,
C. (2004), Dictionnaire des symboles, Mythes et Croyances. Paris.
11-
Older, S. (2012). Symbolism: A
comprehensive dictionary, London.
12-
Powell, M. (Ed). (2011).
The Harpercollins Bible Dictionary, New York: Harper Collins, Publishers.
13- Schwarz-Winklhofer, I, Biedermann, H. (2005), Le Livre
des signes et des symboles, Paris.
14- أثناسيوس المقاري (2008). الكنيسة مبناها ومعناها، ط2، القاهرة: دار
نوبار.
15- تادرس يعقوب ملطى (د.ت). دراسات في التقاليد الكنسي والأيقونة:
الكنيسة بيت الله, ط1, القاهرة: الأنبا رويس.
16-
يوحنا سلامة (د.ت). اللألي
النفيسة في شرح طقوس معتقدات الكنيسة، ج1، القاهرة: دار الطباعة القومية.
: الهوامش
[1]() ثم كلمهم يسوع أيضًا قائلاً: ((أنا هو نور العالم، من يتبعني فلا يمشي في ظلمه بل يكون له نور الحياة))
[2]() ما دام لكم النور آمنوا
بالنور لتصيروا أبناء النور تكلم يسوع بهذا ثم مضى واختفي عنهم .
[3]() أنتم نور العالم لا يمكن أن
تُخفي مدينة موضوعة على جبل .
[4]() ولما حضر يوم الخمسين كان
الجميع معاً بنفس واحدة، وصار بغتة من السماء صوتُ كما من هبوب ريح عاصفةٍ وملأ كل
البيت حيث كانوا جالسين وظهرت لهم السنة منقسمةُ كأنها من نار واستقرت على كل واحد
منهم وامتلأ الجميع من روح القدس وابتداوا يتكلمون بالسنة أخرى كما أعطاهم الروح
أن ينطقوا .
[5]() أجاب يوحنا الجميع قائلاً:
((أنا أعمدكم بماء ولكن يأتي من هو أقوى منى الذي لست أهلاً أن أحل سيور حذائه وهو
سيعمدكم بالروح القدس ونار))
[6]() ((جئت لألقى ناراً على
الأرض، فماذا أريد لو اضطرمت)).
[7]() وأما رأسه وشعره فأبيضان
كالصوف الأبيض كالثلج، وعيناه كلهيب النار .
[8]() حينئذ يشبه ملكوت السماوات
عشر عذارى، أخذن مصابيحهن وخرجن للقاء العريس وكان خمس منهن حكيمات وخمس جاهلات،
أما الجاهلات فأخذن مصابيحهن ولم يأخذن معهن زيتاً، وأما الحكيمات فأخذن زيتاً في
آنيتهن مع مصابيحهن وفيما أبطأ العريس نعسن جميعهن ونمن ففي نص الليل صار صُراخ:
هوذا العريس مُقبل، فاخرجن للقائه!: فقامت جميع أولئك العذارى وأصلحن مصابيحهن
فقالت الجاهلات للحكيمات: أعطيننا من زيتكن فإن مصابيحنا تنطفئ. فأجابت الحكيمات
قائلات: لعله لا يكفي لنا ولكن، بل اذهبن إلى الباعة وابتعن لكُنَّ، وفيما هُنََ
ذاهبات ليبتعن جاء العريسُ والمستعداتُ دخلن معه إلى العُرس وأغلق الباب. أخيراً
جاءت بقية العذارى أيضًا قائلات: يا سيدُ، يا سيدُ افتح لنا! فأجاب وقال: الحق
أقول لكُن : إني ما أعرفُكُن فاسهروا إذّاً لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة التي
يأتي فيها ابن الإنسانِ.
[9]() سراج الجسد هي العين فمتى
كانت عينُك بسيطة فجسدك كله يكون نيراً ومتى كانت شِريرَة فجسدك يكون مظلماً.
Commentaires
Enregistrer un commentaire