La Nouvelle القصة القصيرة. ( Juillet )






    قصة قصيرة    

سارة

" الجزء الثانى "



بقلم : بيشوى فوزى 



اقتربت منها وانحنيت لها محاولًا أن أرفع رأسها الذي اخفته بين رجليها لتجهش بالبكاء ..

 هنا لمحت شيئًا غريبًا.. لقد كانت تستند على صخرة هي شاهدٌ لقبرٍ..

تأملت الكلام المنحوت على تلك الصخرة على بصيص القمر الشاحب ..

كان مكتوبًا 

"سارة برنارد 

لترقد في الرب

1990-2012 "

كنت أقرأ الجملة الأخيرة في رعبٍ حقيقي..

هنا رفعت سارة وجهها من بين رجليها ..

كلا لم يكن هذا وجهًا جميلًا ..

كان عظمًا.. كان دمًا.. كان تجويفًا في فتحات وجهها.. لم تكُن تبكي.. كانت تضحك..

لكن يبدو أن ضحك الموتى يبدو كالبكاء 

لا تثق أبدًا بأحدٍ يبكي في الليل بجانب شاهد قبره..

هنا لم أتمالك نفسي..

لقد نسيت كل شيء..

لم أشعر إلا بقدماي وقد صارتا جزءًا من الريح..

شعرت ببعض الألاعيب في جدار المثانة.. لسبب ما قررت مثانتي بأن هذا هو الوقت الأمثل لممارسة وظائفها الفسيولوچية.. أتمارسيها وقدماي تعدو أيتها الغبية؟! ..

بعد عشر دقائق شعرت بأنني في النصف الثاني من الكرة الأرضية..

أخذت أترنح وأكافح كي أصل إلى شارع رئيسي..

وبعد نصف ساعة، بمعجزةٍ ما، كنت قد وصلت إلى الفندق.. 

************************* 

في اليوم التالي كنت متوعكًا.. الخضة كانت أقوى من أن يحتملها قلبي..

لقد كدت أقع في حب فتاة ماتت منذ ثلاثة أعوام..

المرة الوحيدة التي أحب فيها تكون الحبيبة جثة نخرة قد تعفنت.. يا للرومانسية !

حكيت لأحد اصدقائي الأنجليز في الفندق هذا.. إلا أنني قد تفاجئت برد فعله الضاحك.. 

أخذ يقهقه في شده حتى دمعت عيناه وكأنني قد حكيت له نكته بذيئة ثم أجاب:

-" يا أحمق.. لقد سقطت في الشرك.. يا أحمق ..هعهعهعهعهعهعهعهعهعهعهعهع..لم أكن أعرف أن المصريين حمقى هكذا.. كنت أعتقد أنه من الصعب الضحك عليهم.. ظننت أن تلك الخدعة منشئها بلدكم أصلًا ...هعهعهعهعهعهعهعهعهعهع"

-" ماذا تعني ؟؟ ماذا تقصد بخدعة هذه ؟؟! "

قهقه وكأنه مصاب بالهستريا مُجيبًا

-" يا أحمق.. هذه خدعة يلجأ إليها المحتالون الفقراء في الحي القديم لسلب الأجانب.. لقد حدثت تلك الفقرة كثيرًا في سياح مثلك.. وفي العديد من أصدقائي.. بالطبع تمثل الفتاة أنها تشعر بالبرد وأنت كالأحمق تعطيها معطفك بحافظة نقودك.. بعدها تتظاهر بأنها شبح بعد أن تمثل عليك.. وهي سريعة في العدو وتضع مكياجًا أبله وهي تجري يكفي لخداعك أسفل ضوء القمر الشاحب مع استعارة اسم شاهد قبر لأي فتاة قد توفيت حديثًا ..هذه خدعة ماجنة.. ولكنها قد راقت لي ههعهعهعهعهعهعهعهعهع "

ثم انفجر الوغد ضاحكًا ..فقلت له في غيظ:

-" كنت أظن أن الأفاقين والأوغاد يشغلون وطني فحسب.. لكنني كنت مخطئًا "

-" هعهعهعهعهعهعهعهعهع "

-" سوف أحرر محضرًا بالواقعة.. على الأقل أحاول استعادة الأوراق التي فقدتها.. فقدانها كارثة لي كما تعلم.. الإنسان ليس سوى مجموعة من الأوراق في مثل هذا الزمن ! "

وفي قسم الشرطة حررت محضرًا وأنا أشعر بالغيظ من تلك الخدعة..

لقد انتهت القصة وكنت ألوم حماقتي قبل أن أسمع الشرطي يقول لي:

حسنًا.. كل هذا جميل.. لقد قبضنا على تلك الفتاة التي تتعاون مع عصابة لسرقة أموال السائحين وتتظاهر بأنها شبح مثل تلك القصة التي ترويها..

لكن الغريب هو أننا قبضنا عليها قبل أمس.. أي قبل تلك الحادثة التي تعرضت أنت لها.. لقد رأيت أنت صورة الفتاة التي قبضنا عليها وعرضتها أمامك دون أن أخبرك عن اسمها ولكنك لم تلتفت إليها..

دعني فقط أخبرك.. أنه منذ ثلاثة أعوام، كانت هناك عاصفة باردة في المدينة.. بعد تلك العاصفة وجدنا فتاة مقتولة.. تلك الفتاة كانت تُدعى سارة.. سارة برنارد.. من التحقيقات عرفنا أنها كانت بانتظار شاب يُدعى إدوارد كان يواعدها لأول مرة من خطاباتها الشخصية، وعندما حضر اختلفا معًا لسبب ما.. فقتلها أثناء العاصفة وهرب ولم يتبق منه إلا معطفا لم نستطع الاستدلال منه على شيء..

طوال الثلاث أعوام شبح الفتاة كان يظهر للمارة دون ان يسرق منهم شيئا أو يتعرض لهم.. لقد شذت تلك القاعدة معك.. ربما التفسير الوحيد الذي أجده أمامي هو أنت.. الاسم الذي يظهر في بطاقتك..الاسم الذي سوف يفتح ذلك التحقيق الذي حُفِظ ضد شخص مجهول منذ ثلاث سنوات.. لقد استطاعت الضحية بعد مقتلها بثلاث سنوات أن تمسك بقاتلها وخصوصًا وأننا قد وجدنا ذلك المعطف في الصباح في ذات مكان الجريمة القديم وبه أوراق تدل على صاحبه.. ومن الصُدف أن ذلك المِعطف كان من نفس طراز المعطف الذي وجدناه منذ ثلاث سنوات.. حقًا القاتل تقوده قدماه إلى مكان جريمته ولو بعد حين.. ربما هو الغرور الذي أنساك فعلتك ؟! .. أليس كذلك يا سيد إدوارد ؟! " .

********************* 

(تمت )

 



Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

Article المقال ( Septembre )

Article المقال ( Octobre )

Article المقال ( Septembre )