La Vie m'a appris. علمتنى الحياة. ( Juin )
علمتنى الحياة
الإعلام المصقول فى غسيل العقول
بقلم : بهجت نسيم
غسيل العقل أو غسيل المخ وهو ما يقصد به تحويل الفرد عن اتجاهاته وقيمه وأنماطه السلوكية وقناعاته و السيطرة على عقله البشري و تفريغه من محتواه المعلوماتي أو العقائدي أو الإيمانى السابق وتبنيه لقيم أخرى جديدة تفرض عليه من قبل جهة ما سواء كانت فردا أو مجموعة أو مؤسسة أو دولة. ويندرج مصطلح غسيل المخ تحت مسميات مختلفة مثل: إعادة التقويم - بناء الأفكار- التحويل والتحرير المذهبي الفكري- الإقناع الخفي . وغسيل الدماغ أو المخ هو أسلوب قديم استخدمه المصريون القدماء وتم تطويره عبر التاريخ ولكن أشهر من استخدمه هم الصينيون الشيوعيون في عام 1950
وربما يتصور البعض ان غسيل المخ يحدث فقط لأسرى الحروب والمعتقلين السياسيين من خلال ما ينقل لهم من المعلومات المضللة والإشاعات والأكاذيب وسلب إرادتهم من خلال أنواع التعذيب المختلفة و التجويع وأحيانا القتل المفاجئ أمام السجناء الآخرين و تعريضهم إلى درجة حرارة عالية أو درجة برودة عالية ورفع درجة التوتر أو منع الأدوية العالجية التى يحتاجها السجين.
ولكنى سأصدمكم بحقيقة ربما لا يعرفها الكثيرين وهى ان لعملية غسيل المخ فى وقتنا الحالى عدة طرق و سأركز هنا على أسلوب الدعاية و الإعالم في عملية تغييب العقل وغسيل المخ.
وأبدأ بتعريف الدعاية: وهي علم أو فن الإيحاء والتأثير على عقل الجماهير من خلال الإلحاح والتغيير والإغراء لتقبل وجهات نظر أو أراء أو أفكار أو متغيرات جديدة ومختلفة عن تلك التي ترسخت من قبل في هذا العقل وأفضل طريقة لعملية الدعاية هي ( التكرار مع التنوع ) حتى لا يصيب المتلقي الملل.... فبتكرار المحتوى الدعائي تصل الرسالة وتترسخ في العقل الباطن للفرد ... ومع تكرار هذا المحتوى سواء بتعدد القنوات التي تذيع الرسالة أو عن طريق الصحف المتنوعة .. سيؤدي مع الوقت الي التصديق والإقرار بالفكرة...وتستخدم وسائل الإعالم كل المؤثرات السمعية والبصرية الألوان الزاهية والكلمات الرنانة التي تلعب على وتر العاطفة لتتلاعب بالعقول وتبث ما تريده من أفكار ... فضحايا غسيل المخ هنا ليسوا اسرى الحروب بل اسرى الإنعزال الجماعى فى وسائل الإعالم و شبكة الإنترنت التى تعتبر مرتع خصب لغسيل العقول لأنها تسمح بمساحة من الخصوصية بين من يقوم بعملية غسيل المخ وبين من يخضع لها... هناك مساحة من الخصوصية تُسهل عملية غسيل المخ أكثر من التلفزيون... لم يعد الوصول إلى الجماهير والتأثير فيها أمرا صعبا بفضل التكنولوجيا المعلوماتية الحديثة. فالعولمة بالحقيقة أدت إلى غسيل مخ جماعي... إن سلوكياتنا وثقافتنا وحتى طعامنا وملابسنا ويا للعجب صارت متشابهة.
و هنا يجب أن ألقى الضوء على ضرورة الثقافة لتؤهل افراد المحتمع لتنقية وفلترة كل ما يسمعونه ويرونه على وسائل الإعلام وشبكة الإلنترنت . فقد وهبنا الله عقلا نفكر به وهو أعظم منحة يمكن أن نمتلكها. إنها منحة التفكير.
فلا يجب أن نكون كالإسفنجة تمتص كل ما يسكب عليها.. بل يجب أن تكون لنا شخصيتنا المستقلة الناقدة لكل ما نسمعه ونراه والقادرة على التطويع الإيجابي لتقنيات غسيل المخ ليصبح وسيلة تربوية أو علاجا نفسيا للتعديل الإيجابي للسلوك ويساعد في صياغة عقل ووجدان الأنسان بشكل أفضل.
Commentaires
Enregistrer un commentaire